للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الذهبي: "المحاسبي العارف صاحب التواليف، صدوق في نفسه، وقد نقموا عليه بعض تصوفه وتصانيفه (١) والسبب في ذلك هو منهجه في كتبه ومجالسه الوعظية والسبب الأصيل المباشر هو كلامه وبحثه في علم الكلام وإدخاله في كتبه. قال الحافظ ابن رجب أثناء شرحه لحديث "استفت قلبك وإن أفتاك المفتون": "وإنما ذم أحمد وغيره المتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية، حيث كان كلامهم في ذلك لايستند إلى دليل شرعي. بل إلى مجرد رأي وذوق، كما كان ينكر الكلام في مسائل الحلال والحرام بمجرد الرأي من غير دليل شرعي" (٢) وقال أبو بكر الخلال (ت (٣١١) هـ) في كتاب السنة عن أحمد بن جنبل أنه قال: "حذروا من الحارث أشد التحذير، أصل البلية يعني في حوادث الكلام جهم ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأي جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام حارث بمنزلة المرابط، انظر أي يوم يثب على الناس" (٣). وقال الخطيب البغدادي: "وكان أحمد ابن حنبل يكره لحارث نظره في الكلام وتصانيفه الكتب فيه، ويصد الناس عنه" (٤) ومن هذه النصوص يتضح لنا السبب في هجران إمام السنة أحمد للزاهد المحاسبي.

وذكر الحافظ ابن رجب أيضاً سبباً آخراً في التنفير من الحارث المحاسبي، فيقول في "المناقب". ومن البدع التي أنكرها أحمد في القرآن: قول من قال: إن الله تكلم بغير صوت، فأنكر هذا القول وبدع قائله. وقد قيل: إن الحارث المحاسبي إنما هجره أحمد لأجل ذلك، قال أبو العباس ابن تيمية: وهذا سبب تحذير أحمد من الحارث المحاسبي، فذكروا أن الحارث المحاسبي تاب من ذلك، واشتهر علما وفضلاً، وحقائق وزهداً (٥).


(١) انظر: ميزان الاعتدال ج ١/ ٤٣٠.
(٢) انظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي البغدادي ص ٢٢٣.
(٣) انظر: تلبيس إبليس ص ١٦٢.
(٤) انظر: تاريخ بغدادج ٨/ ٢١٤.
(٥) انظر: "شرح الكوكب المنير في أصول الفقه الحنبلي، لتقي الدين الفتوحي، من ضمينته المتمة له ص ١٩٦.