للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبا حاتم وعدهما من الذين جمعوا بين العراق، والحجاز، والجزيرة، والشام (١)، ولقد حسدهم على هذه المكانة بعض أهل العلم مما حمل أبا حاتم على أن يرد عليه، وعلى أمثاله، قال ابن أبي حاتم في ترجمة داود بن خلف الأصبهاني إمام أهل الظاهر: "وأما أبي رحمه الله فحمل إليه كتاب له يسميه كتاب البيوع وقصد أهل الحديث وذمهم وعابهم بكثرة طلبهم للحديث ورحلتهم في ذلك فأخرج أبي كتابا في الرد عليه في نحو خمسين ورقة" (٢) ولقد عد الحافظ المزي أبا زرعة من الجوالين المكثرين (٣)، وذكر الداوودي بعض المدن التي رحل إليها أبو زرعة وهي (الحرمان، والعراق، والشام، والجزيرة، وخراسان، ومصر) (٤)، وهذه البلاد كان فيها أهم المراكز العلمية. بعد هذه المقدمة نريد التعرف على رحلات أبي زرعة والمدن والبلاد التي دخلها، وكيف كان بعض الأئمة يستقبله ويتهيأ للقائه مع ذكر بعض أخباره في تلك البلاد.

من المعلوم أن المحدث حينما يبتدئ بطلب الحديث وتدوينه يحرص على تحمله وروايته عن علماء بلده، وعمن كان يمرّ عليهم من العلماء ثم يبتدئ بالخروج والتجوال في القرى المحيطة بهم. وهكذا كان أبو زرعة رحمه الله فقد لازم الشيوخ الكبار في مدينة الري وحرص على تدوين حديثهم، وكذلك حرص على ملازمة من يقدم إلى الري من المدن الأخرى فيستقر أو يمر بها، فيقول أبو زرعة عن نفسه: "وكتبت بالري قبل أن أخرج إلى العراق نحو ثلاثين شيخاً منهم عبد الله بن الجراح (٥) وعبد العزيز بن المغيرة (٦)، وعبد الصمد بن


(١) انظر: المحدث الفاصل ص ٣٠.
(٢) انظر: الجرح والتعديل ج ١ / ق ٢/ ٤١١.
(٣) انظر: تهذيب الكمال ورقة (٤٤١ - ب-).
(٤) انظر: طبقات المفسرين للداوودي ج ١ ص ٣٦٩.
(٥) هو (كن ق) عبد الله بن الجراح بن سعد التيمي أبو محمد القهستاني نزيل الري
ت ٢٣٢ هـ. انظر: الجرح والتعديل ج ٢/ ق ٢/ ٢٨، وتهذيب التهذبب ج ٥ ص ١٦٩، وتاريخ قزوين ورقة (٢٥٥ - ب-).
(٦) هو (ق) عبد العزيز بن المغيرة بن أمي، المنقري، أبو عبد الرحمن البصري نزيل الري، انظر: تهذيب التهذيب ج ٦ ص ٣٥٩، والجرح والتعديل ج ٢/ ق ٢/ ٣٩٧.