للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسأذكر طرفا من أخباره- أي أبو زرعة- وأحواله في دمشق، ثم ما جاورها من مدن أخرى من بلاد الشام، وأبتدئ بدمشق لما ذكر من فضلها آنفا. وأبدأ بما ذكره ابن عساكر في تاريخه مقتصراً على أخباره فيها، حيث قال بعد نعته بما يستحق "سمع بدمشق من صفوان بن صالح، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، وعمران بن يزيد بن أبي جميل، والعباس بن الوليد ابن مزيد الخلال، وعبد الحميد بن بكار، وعمرو بن المغيرة بن الوليد بن يزيد البيروتي، وخلاد بن يحيى، وأيى نعيم، والقعنبي، وسعيد بن محمد الجرمي، وعيسى بن ميناء قالون، وسهل بن تمام بن بزيع، ومحمد بن سعيد بن سابق، وقرة بن حبيب القنوي" (١)، وذكر غيرهم. ولقد التقى بأئمة حفاظ وأخذ عنهم والتقى ببعض القراء مثل عبد الله بن أحمد البهراني المقرئ (٢). وأخذ عن محمد بن عائذ القرشي الدمشقي صاحب المغازي (٣)، ولقد كان بعض الأئمة يعكف على مصنفاته ومصنفات غيره استعداداً لمذاكرته بها، نقل إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن سليمان بن عبد الرحمن أبي أيوب الدمشقي أنه قال: "بلغني ورود هذا الغلام الرازي يعني أبا زرعة فدرست للقائه ثلاثمائة ألف حديث" (٤). وحتى كان بعض المتشددين في الرواية ومن فيه الجفاء يعرف حقه وينزله منزلته.

يقول أبو زرعة: "لما أتيت محمد بن عائذ وكان رجلاً جافياً ومعي جماعة فرفع صوته فقال: من أين أنتم؟ قلنا من بلدان مختلفة من خراسان، من الري، من كذا وكذا. قال: أنتم أمثل من أهل العراق، قال ما تريدون؟ ورفع صوته. قلنا: شيئاً من حديث يحيى بن حمزة فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثني بما معي ثم قال: خذ الكتاب فاذهب به معك. قال أبو زرعة: فدعوت له وشكرته على مافعل. قلت: أنا أجل كتابك عن حمله وأنا أصيب نسخة هذا عند


(١) انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر في ترجمة أبي زرعة. وانظر تراجم هؤلاء في: الفصل المتعلق بشيوخه، وذكر ابن عساكر أيضاً بعض شيوخه الذين لم يسمع منهم في دمشق.
(٢) انظر: تهذيب التهذيب ج ٥ ص ١٤٠، والجرح والتعديل ج ٢/ ق ٢/ ٥.
(٣) انظر: تهذيب التهذيب ج ٩ ص ٢٤١.
(٤) انظر: تهذيب التهذيب ج ٤ ص ٢٠٨.