يا قُوَّامَ الليلِ! اشْفَعوا في النُّوَّام، يا أحياءَ القلوبِ! تَرَحَّموا على الأمواتِ.
• قيلَ لابنِ مَسْعودٍ: ما نَسْتَطيعُ قيامَ الليلِ. قالَ: أبْعَدَتْكُمْ ذنوبُكُمْ.
وقيلَ للحَسَنِ: قد أعْجَزَنا قيامُ الليلِ. قالَ: قَيَّدَتْكُمْ خطاياكُم.
وقالَ الفُضَيْلُ: إذا لمْ تَقْدِرْ على قيامِ الليلِ وصيامِ النَّهارِ؛ فاعْلَمْ أنَّكَ محرومٌ مكبَّلٌ كَبَّلَتْكَ خطيئتُكَ.
قالَ الحَسَنُ: إنَّ العبدَ لَيُذْنِبُ الذَّنبَ فيُحْرَمُ بهِ قيامَ الليلِ.
قالَ بعضُ السَّلفِ: أذْنَبْتُ ذنبًا فحُرِمْتُ بهِ قيامَ الليلِ ستَّةَ أشهرٍ.
ما يُؤهِّلُ الملوكُ للخلوةِ بهِم إلَّا مَن أخْلَصَ في ودِّهِم ومعاملتِهِم، فأمَّا مَن كانَ مِن أهلِ المخالفةِ؛ فلا يُؤَهِّلونَهُ.
في بعضِ الآثارِ: أن جبريلَ يُنادى كلَّ ليلةٍ: أقِمْ فلانًا وأنِمْ فلانًا!
قامَ بعضُ الصَّالحينَ في ليلةٍ باردة وعليهِ ثيابٌ رثَّة، فضربَهُ البردُ، فبَكى، فهَتَفَ بهِ هاتفٌ: أقَمْناكَ وأنَمْناهُمْ ثمَّ تَبْكي علينا!
يا حُسْنَهُمْ وَاللَيْلُ قَدْ جَنَّهُمُ … وَنورُهُمْ يَفوقُ نورَ الأنْجُمِ
تَرَنَّموا بِالذِّكْرِ في لَيْلِهِمُ … فَعَيْشُهُمْ قَدْ طابَ بِالتَّرَنُّمِ
قُلوبُهُمْ لِلذكْرِ قَدْ تَفَرَّغَتْ … دُموعُهُمْ كَلُؤْلُؤٍ مُنْتَظَمِ
أسْحارُهُمْ بِهِمْ لَهُمْ قَدْ أشْرَقَتْ … وَخِلَعُ الغُفْرانِ خَيْرُ القِسَمِ
الليلُ منهلٌ يَرِدُهُ أهلُ الإرادةِ كلُّهُم، ويَخْتَلِفونَ فيما يَرِدونَ ويُريدونَ، قد عَلِمَ كلُّ أُناسٍ مشربَهُم: فالمحبُّ يَتَنَعَّمُ بمناجاةِ محبوبِه، والخائفُ يَتَضَرَّعُ لطلبِ العفوِ ويَبْكي على ذنوبِه، والرَّاجي يُلحُّ في سؤالِ مطلوبِه، والغافلُ المسكينُ أحْسَنَ اللهُ عزاءَهُ في حرمانِهِ وفواتِ نصيبِه.
قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعَبْدِ اللهِ بن عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عنهُما: "لا تكُنْ مثلَ فلانٍ! كانَ يَقومُ الليلَ فتَرَكَ قيامَ الليلِ" (١).
(١) رواه: البخاري (١٩ - التهجّد، ١٩ - ما يكره من ترك القيام، ٣/ ٣٧/ ١١٥٢)، ومسلم (١٣ - الصيام، ٣٥ - النهي عن صوم الدهر، ٢/ ٨١٤/ ١١٥٩).