للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطبةِ؟! أما عَلِمْتَ أن المتهجِّدَ إذا قامَ إلى تهجُّدِهِ؛ قالَتِ الملائكةُ: قامَ الخاطبُ إلى خطبتِهِ؟!

ورَأى بعضُهُم حَوْراءَ في نومِهِ، فقالَ لَها: زَوِّجيني نفسَكِ! قالَتْ: اخْطُبْني إلى ربِّي وأمْهِرْني. قالَ: وما مهرُكِ؟ قالَتْ: طولُ التَّهجُّدِ.

نامَ أبو سُلَيْمانَ [الدَّارانِيُّ] ليلةً، فأيْقَظَتْهُ حَوْراءُ وقالَتْ: يا أبا سُلَيْمانَ! تَنام؛ وأنا أُرَبَّى لكَ في الخدورِ مِن خمسِ مئةِ عام؟!

واشْتَرى بعضُهُم مِن اللهِ حوراءَ بصَداقِ ثلاثينَ ختمةً، فنامَ ليلة قبلَ أنْ يُكْمِلَ الثَّلاثينَ ختمة، فرَآها في منامِهِ تَقولُ لهُ:

أتَخْطُبُ مِثْلي وَعَنِّي تَنامُ … وَنَوْمُ المُحِبِّينَ عَنِّي حَرامُ

لِأنَّا خُلِقْنا لِكُلِّ امْرِئ … كَثيرِ الصَّلاةِ بَراهُ الصِّيامُ

كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَطْرُقُ بابَ فاطِمَةَ وعَلِيٍّ وتقولُ: "ألا تُصَلِّيانِ؟ " (١).

وفي الحديثِ: "إذا اسْتَيْقَظَ الرَّجلُ وأيْقَظَ أهلَهُ فصَلَّيا ركعتينِ؛ كُتِبا مِن الذَّاكرينَ الله كثيرًا والذَّاكراتِ" (٢).


(١) رواه: البخاري (١٩ - التهجّد، ٥ - تحريضه - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل، ٣/ ١٠/ ١١٢٧)، ومسلم (الموضع السابق، ٧٧٥)؛ من حديث عليّ.
(٢) (صحيح). رواه: عبد الرزّاق (٤٧٣٨)، وابن ماجه (٥ - الإقامة، ١٧٥ - من أيقظ أهله، ١/ ٤٢٣/ ١٣٣٥)، وأبو داوود (٢ - الصلاة، ٣٠٧ - قيام الليل، ١/ ٤١٨/ ١٣٠٩ و ١٤٥١)، والحارث (٢٤٠ - هيثمي)، والنسائي في "الكبرى" (١٣١٠ و ١١٤٠٦)، وأبو يعلى (١١١٢)، وابن حبّان (٢٥٦٩)، والدارقطني في "العلل" (١٦٤٩)، والطبراني في "الأوسط" (٢٩٨٩) و"الصغير" (٢٤٨)، والحاكم (١/ ٣١٦، ٢/ ٤١٦)، والبيهقي في "السنن" (٢/ ٥٠١) و"الشعب" (٣٠٨٣)، وابن عساكر (٦/ ٣٦٩)؛ من طرق، عن علي بن الأقمر، عن الأغرّ أبي مسلم، عن أبي سعيد أو أبي هريرة أو هما معًا … موقوفًا ومرفوعًا.
قال أبو داوود: "لم يرفعه ابن كثير [أحد رواته] ولا ذكر أبا هريرة جعله كلام أبي سعيد". قال أبو داوود: "رواه ابن مهدي عن سفيان قال: وأراه ذكر أبا هريرة". قال أبو داوود: "وحديث سفيان موقوف". قلت: فهاهنا علّتان: الأولى: أنّهم اختلفوا في الصحابيّ، وما هو بالقادح، والراجح أنه من حديثهما معًا. والثانية: الوقف، وليس بالقادح أيضا، وقد صحَّ مرفوعًا وموقوفًا عن الأعمش والثوريّ ومسعر ومرفوعًا حسب عن محمّد بن جابر، والطرق المرفوعة صحيحة وكثيرة لها حكم زيادة الثقة، ولذلك صحّح الحديث ابن حبّان والدارقطني والحاكم والمنذري والذهبي والألباني.

<<  <   >  >>