للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"مسندِهِ".

وَقد كانَ أهلُ الكتابِ يَصومونَهُ.

وكذلكَ قريشٌ في الجاهليةِ كانَتْ تَصومُهُ. قالَ دَلْهَمُ بنُ صالحٍ: قُلْتُ لعِكْرِمَةَ: عاشوراءُ؛ ما أمرُهُ؟ قالَ: أذْنَبَتْ قريشٌ في الجاهليَّةِ ذنبًا، فتَعاظَمَ في صدورِهِم، فسَألُوا: ما توبتُهُم؟ قيلَ: صومُ يومِ عاشوراءَ؛ يومِ العاشرِ مِن المُحَرَّمِ.

• وكانَ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في صيامِهِ أربعةُ أحوالٍ:

* الحالةُ الأُولى: أنَّهُ كانَ يَصومُهُ بمَكَّةَ ولا يَأْمُرُ النَّاسَ بالصَّومِ.

ففي الصَّحيحينِ (١): عن عائِشَةَ؛ قالَتْ: كانَ عاشوراءُ يومًا تَصومُهُ قريش في الجاهليَّةِ، وكانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَصومُهُ، فلمَّا قَدِمَ المدينةَ؛ صامَهُ وأمَرَ بصيامِهِ، فلمَّا نَزَلَـ[ــــتْ] فريضةُ شهرِ رَمَضانَ؛ كانَ رَمَضانُ هوَ الذي يَصومُهُ، فتَرَكَ يومَ عاشوراءَ؛ فمَن شاء صامَهُ، ومَن شاءَ أفْطَرَهُ.

وفي روايةٍ للبُخارِيِّ (٢): قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن شاءَ فلْيَصُمـ[ــــهُ]، ومَن شاءَ أفْطَرَ [هـ] ".

* الحالةُ الثَّانيةُ: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قَدِمَ المدينةَ ورَأى صيامَ أهلِ الكتابِ لهُ وتعظيمَهُم لهُ - وكانَ يُحِبُّ موافقتَهُم فيما لم يُؤْمَرْ بهِ -؛ صامَهُ، وأمَرَ النَّاسَ بصيامِهِ، وأكَّدَ الأمرَ بصيامِهِ والحثَّ عليهِ حتَّى كانوا يُصَوِّمونَهُ أطفالَهُم.

ففي الصَّحيحينِ (٣): عن ابن عَبَّاسٍ؛ قالَ: قَدِمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، فوَجَدَ اليهودَ صيَّامًا يومَ عاشوراءَ، فقالَ لهُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا اليومُ الذي تَصومونَهُ؟ ". قالوا: هذا يومٌ عظيمٌ، [أ] نْجى اللهُ فيهِ موسى وقومَهُ، وأغْرَقَ فِرْعَوْنَ وقومَهُ، فصامَهُ موسى شكرًا، فنحنُ نَصومُهُ. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فنحنُ أحقُّ وأولى بموسى منكُم".


(١) البخاري (٣٠ - الصوم، ٦٩ - صيام عاشوراء، ٤/ ٢٤٤/ ٢٠٠٢)، ومسلم (١٣ - الصيام، ١٩ - صوم عاشوراء، ٢/ ٧٩٢/ ١١٢٥).
(٢) (٣٠ - الصوم، ١ - صوم رمضان، ٤/ ١٠٢/ ١٨٩٣)، ومسلم أيضًا (الموضع السابق).
(٣) البخاري (٣٠ - الصوم، ٦٩ - صيام عاشوراء، ٤/ ٢٤٤/ ٢٠٠٤)، ومسلم (١٣ - الصيام، ١٩ - صوم عاشوراء، ٢/ ٧٩٧/ ١١٣٢).

<<  <   >  >>