للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَعْفَرٍ الأحْمَرِ، عن إبْراهيمَ بن مُحَمَّدِ بن المُنْتَشِرِ، وكانَ مِن أفضلِ أهلِ زمانِهِ؛ أنَّهُ بَلَغَهُ؛ أنّهُ مَن وَسَّعَ على عيالِهِ يومَ عاشوراءَ؛ وَسَّعَ اللهُ عليهِ سائرَ سنتِهِ. فقالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: جَرَّبْناهُ منذُ خمسمينَ سنةً أو ستِّينَ سنةً فما رَأيْنا إلّا خيرًا.

وقولُ حَرْبٍ "إنَّ أحْمَدَ لمْ يَرَهُ شيئًا" إنَّما أرادَ بهِ الحديثَ الذي يُرْوى مرفوعًا إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم -!؟ فإنَّهُ لا يَصِحُّ إسنادُهُ، وقد رُوِيَ مِن وجوهٍ متعدِّدةٍ لا يَصِحُّ مِنها شيء. وممَّن قالَ ذلكَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ الحَكَمِ. وقال العُقَيْلِيُّ: هوَ غيرُ محفوظٍ. وقد رُوِيَ عن عُمَرَ مِن قولِهِ، وفي إسنادِهِ مجهولٌ لا يُعْرَفُ.

* وأمّا اتِّخاذُهُ مأْتمًا كما تَفْعَلُهُ الرّافضةُ لأجلِ قتلِ الحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عنهُما فيهِ؛ فهوَ مِن عملِ مَن ضَلَّ سعيُهُ في الحياةِ الدُّنيا وهوَ يَحْسَبُ أنَّهُ يُحْسِنُ صنعًا، ولمْ يَأْمُرِ اللهُ ولا رسولُهُ باتِّخاذِ أيَّامِ مصائبِ الأنبياءِ وموتِهِم مأْتمًا، فكيفَ بمَن دونَهُم (١)؟!

• ومِن فضائلِ يومِ عاشوراءَ أنَّهُ يومٌ تابَ اللهُ فيهِ على قومٍ.

وقد سَبَقَ حديثُ عَلِيٍّ الذي خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ؟ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لرجلٍ: "إنْ كُنْتَ


= عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر … رفعه. قال الخطيب: "لا يثبت عن مالك، في رواته غير واحد من المجهولين". وقال الذهبي والعسقلاني: "هذا باطل".
* ورواه: العقيلي (٤/ ٦٥)، والبيهقي في "الشعب" (٣٧٩٥)، وابن الجوزي في "الواهيات" (٩١٠) و"الموضوعات" (٢/ ٢٠٣)؛ من طريق حجّاج بن نصير، ثنا محمّد بن ذكوان مولى الجهاضم، عن يعلى بن حكيم، عن سليمان بن أبي عبد الله، عن أبي هريرة … رفعه. وهذا واهٍ: حجّاج ضعيف يقبل التلقين، وابن ذكوان ضعيف منكر الحديث، وسليمان فيه جهالة.
ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات" (٢/ ٢٠٠) من طريق أحمد بن سلمان النجّاد، عن إبراهيم الحربي، عن سريج بن النعمان، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة … رفعه في سياق طويل. ثمّ قال: "هذا حديث لا يشكّ عاقل في وضعه". قلت: علّته النجاد هذا، فقيه عابد صدوق، لكنّه حدّث من كتاب غيره بما لم يكن في أُصوله ثمّ عمي في آخره فربّما قرأ عليه بعض الطلبة ما ليس في أُصوله.
* قال البيهقي: "هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فإنّها إذا ضمّ بعضها إلى بعض أخذت قوّة". قلت: هي دون حدّ الاعتبار، وكثرتها لا تزيد الحديث إلّا نكارة، ولذلك لم يعبأ بها المحقّقون المدقّقون - ومنهم الإمام أحمد والعقيلي وابن عدي وابن عبد الحكم وابن الجوزي والذهبي وابن القيّم وابن رجب والعسقلاني - وجزموا بضعف الحديث. ولعلّ أصوله من كلام إبراهيم بن المنتشر بلاغًا كما سيأتي.
(١) فلله درّ ابن رجب على هذه الفائدة العظيمة والحجّة القويمة.

<<  <   >  >>