للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووَرَدَ في حديثٍ أن الله لمَّا اسْتَخْرَجَ مِن ظهرِ آدَمَ ذرِّيَّتَهُ وأخَذَ عليهِمُ الميثاقَ؛ كَتَبَ ذلكَ العهدَ في رَقٍّ، ثمَّ اسْتَوْدَعَهُ هذا الحجرَ (١). فمِن ثَمَّ يَقولُ مَنِ اسْتَلَمَهُ: وفاءً بعهدِكَ (٢).

فمستلِمُ الحجرِ يُبايِعُ الله على اجتنابِ معاصيهِ والقيامِ بحقوقِهِ، {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: ١٠].

يا معاهدينا على التَّوبةِ! بينَنا وبينَكُم عهودٌ أكيدةٌ:

أوَّلُها: يومُ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢]، والمقصودُ الأعظمُ مِن هذا العهدِ ألَّا تَعْبُدوا إلَّا إيَّاهُ، وتمامُ العملِ بمقتضاهُ أنِ اتَّقوا الله حقَّ تقواهُ.

وثانيها: يومَ أرْسَلَ إليكُم رسولَهُ وأنْزَلَ عليهِ في كتابِهِ {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: ٤٠].

قالَ سَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ: مَن قالَ لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فقد بايَعَ الله، فحرامٌ عليهِ إذا بايَعَهُ أنْ


= هريرة … رفعه. وإسماعيل مخلّط عن غير الشاميّين وهذا منه، وحميد مجهول منكر الحديث.
ورواه: عبد الرزّاق (٨٩١٩ و ٨٩٢٠)، وابن قتيبة في "الغريب"، والفاكهي في "مكّة" (١٦ - ٢٠ و ٢٨ و ٢٩)، والأزرقي في "مكّة" (١/ ٣٢٤ - ٣٢٦)؛ من طرق كثيرة، عن ابن عبّاس موقوفًا. ولا يخلو شيء من طرقه ضعف، لكن اجتماعها يفيد أنّ لهذا المتن أصلًا صالحًا عن ابن عبّاس.
ورواه عبد الرزّاق (٨٩٢٠) موقوفًا على وهب بن منبّه بسند لا بأس به.
ورواه الفاكهي (٣٣) موقوفًا على عليّ بن الحسين بسند ضعيف.
وليس لهذه الموقوفات حكم الرفع، لأنّها قد تقال اجتهادًا على سبيل الكناية أو المجاز.
(١) (موضوع). رواه: الجندي في "فضائل مكّة" (الأعراف ١٧٢ - درّ)، وأبو الحسن القطّان في "الطوالات" (الأعراف ١٧٢ - درّ)، والحاكم (١/ ٤٥٨)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٤٠٤٠)، والرافعي في "التدوين" (٣/ ١٥١)؛ من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، عن عليّ … فذكره موقوفًا عليه لكنّ السياق يقتضي أنّه من المرفوع.
قال الحاكم: "ليس من شرط الشيخين؛ فإنّهما لم يحتجّا بأبي هارون عمارة بن جوين العبدي". وقال الذهبي: "أبو هارون ساقط". وقال العسقلاني في "الفتح" (٣/ ٤٦٢): "في إسناده أبو هارون العبدي وهو ضعيف جدًّا". قلت: متّهم كذّاب مفتر، تفرّد بهذه الزيادة على أصل هذا الحديث المخرّج في الصحيحين وغيرهما فبان أنّه ممّا صنعته يداه. وقد ضعّف حديثه هذا البيهقي والزيلعي والسيوطي والشوكاني.
(٢) لا يعرف هذا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولا يصحّ عن أصحابه رضي الله عنهم كما بيّنه العسقلاني في "أمالي الأذكار" (٢/ ٣٧٤ - فتوحات ابن علّان)!

<<  <   >  >>