يَعْصِيَهُ في شيءٍ مِن أمرِهِ في السِّرِّ والعلانيةِ أو يُوالِيَ عدوَّهُ أو يُعادِيَ وليَّهُ.
يا بَني الإسْلامِ مَنْ عَلَّمَكُمْ … بَعْدَ إذْ عاهَدْتُمُ نَقْضَ العُهودِ
كُلُّ شَيْءٍ في الهَوى مُسْتَحْسَنٌ … ما خَلا الغَدْرَ وَإخْلافَ الوُعودِ
وثالثها: لمَن حَجَّ إذا اسْتَلَمَ الحجرَ؛ فإنَّهُ يُجَدِّدُ البيعةَ ويَلْتَزِمُ الوفاءَ بالعهدِ المتقدِّمِ. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٢٣].
الحرُّ الكريم لا يَنْقُضُ العَهْدَ القديم.
أحَسِبْتُمُ أن اللَيالِيَ غَيَّرَتْ … عَقْدَ الهَوى لا كانَ مَنْ يَتَغَيَّرُ
يَفْنى الزَّمانُ وَلَيْسَ يُنْسى عَهْدُكُمْ … وعَلى مَحَبَّتِكُمْ أموتُ وأُحْشَرُ
إذا دَعَتْكَ نفسُكَ إلى نقضِ عهدِ مولاكَ؛ فقُلْ لها: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: ٢٣].
اجْتازَ بعضُهُم على منظورٍ مُشْتهى، فهَمَّتْ عينُهُ أنْ تَمْتَدَّ، فصاحَ:
حَلَفْتُ بِدينِ الحُبِّ (١) لا خُنْتُ عَهْدَكُمْ … وَذلِكَ عَهْدٌ لو عَرَفْتَ وَثيقُ
تابَ بعضُ مَن تَقَدَّمَ ثمَّ نَقَضَ، فهَتَفَ بهِ هاتفٌ بالليلِ يَقولُ:
سَأتْرُكُ ما بَيْني وَبَيْنَكَ عامرًا (٢) … فَإنْ عُدْتَ عُدْنا وَالوِدادُ مُقيمُ
تُواصِلُ قَوْمًا لا وَفاءَ لِعَهْدِهِمْ … وَتَتْرُكُ مِثْلي والحِفاظُ قَديمُ
مَن تَكَرَّرَ منهُ نقضُ العهدِ لمْ يُوثَقْ بمعاهدتِهِ.
دَخَلَ بعضُ السَّلفِ على مريضٍ مكروبٍ فقالَ لهُ: عاهِدِ الله على التَّوبةِ لَعَلَّهُ أنْ يَقِيلَكَ صرعتَكَ. فقالَ: كُنْتُ كلَّما مَرِضْتُ عاهَدْتُ الله على التَّوبةِ فيَقِيلُني، فلمَّا كانَ هذهِ المرَّةُ؛ ذَهَبْتُ أُعاهِدُ كما كُنْتُ أُعاهِدُ، فهَتَفَ بي هاتفٌ مِن ناحيةِ البيتِ: قد أقَلْناكَ مرارًا فوَجَدْناكَ كذَّابًا (٣). ثمَّ ماتَ عن قريبٍ.
(١) دين الحبّ ليس اسمًا من أسماء الله ولا صفة من صفاته فلا يجوز الحلف به.
(٢) في خ: "واقفًا"، لكن أشار في حاشيتها أنّها "عامرًا" في نسخة، وهو أجود، وفي م: "واقعًا"!
(٣) فكان ماذا؟! هذا هاتف الشيطان لا هاتف الرحمن، يدعوه لليأس من روح الله والقنوط من رحمته. والله المستعان على هذه الأوابد التي ما أنزل الله بها من سلطان.