للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخَرَّجَهُ الحاكِمُ وقالَ: صحيحُ الإسنادِ. وقد رُوِيَ معناهُ مِن حديثِ أبي أُمامَةَ الباهِلِيِّ (١) ومِن وجوهٍ أخُرَ مرسَلَةٍ.

• المقصودُ مِن هذا الحديثِ أن نبوَّةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَتْ مذكورةً معروفةً مِن قبلِ أنْ يَخْلُقَهُ اللهُ ويُخْرِجَهُ إلى دارِ الدُّنيا حيًّا، وأنَّ ذلكَ كانَ مكتوبًا في أُمِّ الكتابِ مِن قبلِ نفخِ الرُّوحِ في آدَمَ عليهِ السَّلامُ.

وفُسِّرَ أمُّ الكتابِ باللوحِ المحفوظِ وبالذِّكرِ في قولهِ تَعالى: {يَمْحو اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الكِتابِ} [الرعد: ٣٩].

وعنِ ابن عَبَّاسٍ أنَّهُ سَألَ كَعْبًا عن أُمِّ الكتابِ، فقالَ: عَلِمَ اللهُ ما هوَ خالقٌ وما خلقُهُ عاملونَ، فقالَ لعلمِهِ: كُنْ كتابًا، فكانَ كتابًا.

ولا ريبَ أن علمَ اللهِ قديمٌ أزليٌّ لم يَزَلْ عالمًا بما يُحْدِثُهُ مِن مخلوقاتِهِ، ثمَّ إنَّهُ تَعالى كَتَبَ ذلكَ في كتابٍ عندَهُ قبلَ خلقِ السَّماواتِ والأرضِ، كما قالَ تَعالى: {مَا أَصابَ مِنْ مُصيبَةٍ في الأرْضِ وَلا في أنْفُسِكُمْ إلَّا في كتابٍ مِن قَبْلِ أنْ نَبْرَأَها إنَّ ذلِكَ عَلى اللهِ يَسيرٌ} [الحديد: ٢٢].

وفي "صحيح البُخارِيِّ" (٢) عن: عِمْرانَ بن حُصَيْنٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "كانَ اللهُ ولا شيءَ قبلَهُ، وكانَ عرشُهُ على الماءِ، وكَتَبَ في الذِّكرِ كل شيءٍ، ثمَّ خَلَقَ


(١) (صحيح بشاهده). رواه: الطيالسي (١١٤٠)، وابن سعد (١/ ١٠٢ و ١٤٩)، وابن الجعد (٣٥٥٣)، وأحمد (٥/ ٢٦٢)، والحارث (٩٢٧ - الهيثمي)، والروياني (١٢٦٧)، والطبراني (٨/ ١٧٥/ ٧٧٢٩) وفي "الشاميّين" (١٥٨٢)، وابن عدي (٦/ ٢٠٥٥)، واللالكائي في "الاعتقاد" (١٤٠٤)، والبيهقي في "الدلائل" (١/ ٨٤)؛ من طريق فرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي أُمامة؛ أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال: أنا "دعوة أبي إبراهيم … قصور الشام". قال الهيثمي (٨/ ٢٢٥): إسناده حسن، وأقره الألباني. قلت: فرج لا يستحقّ أن يحسّن له، لكنّ روايته عن الشاميّين أمثل، وهذا منها، فهو صالح في الشواهد.
وله شاهد عند: ابن إسحاق (ص ٢٨/ نصّ ٣٣، ١/ ٢٩٣ و ٣٠٢ - ابن هشام)، والطبري في "التفسير" (٢٠٧٥) و"التاريخ" (١/ ٤٥٨)، والحاكم (٢/ ٦٠٠)، والبيهقي في "الدلائل" (١/ ٨٣)؛ من طريق قويّة، عن خالد بن معدان، عن جماعة من الصحابة … رفعوه. وقوّاه الحاكم والذهبي وابن كثير والألباني.
وله شاهد آخر من حديث عبادة بن الصامت عند ابن عساكر بسند ضعيف.
(٢) (٥٩ - الخلق، ١ - وهو الذي يبدأ الخلق، ٦/ ٢٨٦/ ٣١٩١).

<<  <   >  >>