للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نارٌ مِن أرضِ الحجازِ فتُضيءَ لها أعناقُ الإبلِ ببُصْرى". وقد خَرَجَتْ هذهِ النَّارُ بالحجازِ بقربِ المدينةِ، ورُئِيَتْ أعناقُ الإبلِ مِن ضوئِها ببُصْرى في سنةِ أربعٍ وخمسينَ وستِّ مئةٍ، وعَقِيبَهُما جَرَتْ واقعةٌ ببَغْدادَ وقُتِلَ بها الخليفةُ وعامَّةُ مَن كانَ ببغدادَ، وتكاملَ خرابُ أرضِ العراقِ على أيدي التَّتارِ، وهاجَرَ خيارُ أهلِها إلى الشَّامِ مِن حينئذٍ (١).

فأمَّا شرارُ النَّاسِ؛ فتَخْرُجُ نارٌ في آخرِ الرمانِ تَسوقُهُمْ إلى الشَّامِ قهرًا حتَّى يَجْتَمعَ النَّاسُ كلُّهُم بالشَّامِ قبلَ قيامِ السَّاعةِ.

وفي "سنن أبي داوودَ": عن أبي الدَّرْداءِ، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "إنَّ فُسْطاطَ المسلمينَ يومَ الملحمةِ بالغوطةِ إلى جانبِ مدينةٍ يقالُ لها: دِمَشْقُ، مِن خيرِ مدائنِ الشَّامِ". وخَرَّجَهُ الحاكِمُ ولفظُهُ: "خيرُ منازلِ المسلمينَ يومئذٍ" (٢).

• إخواني! مَن كانَ مِن هذهِ الأُمَّةِ؛ فهوَ مِن خيرِ الأُممِ عندَ اللهِ. قالَ تَعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}. وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنتُم تُوفُونَ سبعينَ أُمَّةً، أنتُم خيرُها وأكرمُها على اللهِ تَعالى" (٣).


(١) تنزيل الغيبيّات وأشراط الساعة على حوادث بعينها لا يخلو من نظر، وقد دلّت الحقائق الواقعيّة في أغلب الأحيان على عدم صحّة ذلك، وهذا منها، والله أعلى وأعلم.
(٢) (صحيح). رواه: أحمد (٥/ ١٩٧)، وأبو داوود (٣١ - الملاحم، ١٦ - المعقل من الملاحم، ٢/ ٥١٤/ ٤٢٩٨)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٢٩٠)، والطبراني في "الأوسط" (٣٢٢٩) و"الشاميّين" (٥٨٩ و ١٣١٣)، والحاكم (٤/ ٤٨٦)، وابن عساكر في "التاريخ" (١/ ٢٣٠ - ٢٣٣)؛ من طرق، عن زيد بن أرطاة، سمعت جبير بن نفير، سمعت أبا الدرداء … رفعه.
وهذا سند صحيح، رجاله ثقات، والطرق إلى زيد بعضها صحيح لذاته، فكيف بها مجتمعة؟! فكيف وله شواهد عن جماعة من الصحابة؟! ولذلك صحّحه الحاكم ووافقه المنذري والذهبي والألباني.
(٣) (صحيح بشواهده). وقد جاء عن جماعة من الصحابة وغيرهم:
* فرواه الطرسوسي في "مسند ابن عمر (٢٤): ثنا محمد بن سعيد بن زياد، ثنا سعيد بن راشد، ثنا عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر … رفعه. ومحمّد وسعيد متروكان، والسند ساقط.
* ورواه ابن جرير (٧٦٢١) من طريق قويّة عن قتادة … مرسلًا.
* ورواه: ابن معمر في "الجامع" (٢٠٧٢٠)، وأحمد (٣/ ٦١)، والبغوي في "السنّة" (٤٠٣٩)؛ من طريق ابن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد … رفعه. وابن جدعان مضعّف، فالسند كذلك.
* ورواه: نعيم في "زوائد الزهد" (٣٨٢)، وأحمد في "المسند" (٤/ ٤٤٦ و ٤٤٧، ٥/ ٣ و ٥) و"الفضائل" (١٧١٠)، وعبد بن حميد (٤٠٩ و ٤١١)، والدارمي (٢/ ٣١٣)، وابن ماجه (٣٧ - الزهد، ٣٤ - =

<<  <   >  >>