للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مولودٌ تَدينُ لهُ العربُ ويَمْلِكُ العجمَ، هذا زمانُهُ. فكانَ لا يُولَدُ بمكَّةَ مولودٌ إلَّا سَألَ عنهُ. فلمَّا كانَ صبيحةُ اليومِ الذي وُلِدَ فيهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ خَرَجَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ حتَّى أتى عِيصًا، فناداهُ، فأشْرَفَ عليهِ، فقالَ لهُ عِيصٌ: كُنْ أباه، فقدْ وُلِدَ ذلكَ المولودُ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُم عنهُ يومَ الاثنينِ، ويُبْعَثُ يومَ الاثنينِ، ويَموتُ يومَ الاثنينِ. قالَ: إنَّهُ وُلِدَ لي معَ الصُّبحِ مولودٌ. قالَ: فما سَمَّيْتَهُ؟ قالَ: مُحَمَّدًا. قالَ: واللهِ؛ لقدْ كُنْتُ أشْتَهي أنْ يَكونَ هذا المولودُ فيكُم أهلَ البيتِ لثلاثِ خصالٍ بها نَعْرِفُهُ، فقدْ أتى عليهِنَّ: منها؛ أنَّهُ طَلَعَ نجمُهُ البارحةَ، وأنَّهُ وُلِدَ اليومَ، وأن اسمَهُ مُحَمَّدٌ. انْطَلِقْ إليه؛ فإنَّهُ الذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُم عنهُ (١).

وقد رُوِيَ ما يَدُلُّ على أنَّهُ وُلِدَ ليلًا، وقدْ سَبَقَ في المجلس الذي قبلَهُ مِن الآثارِ ما يُسْتَدَلُّ بهِ لذلكَ (٢).

وفي "صحيح الحاكم": عن عائِشَةَ؛ قالَتْ: كانَ بمكَّةَ يهوديٌّ يَتَّجِرُ فيها، فلمَّا كانَتِ الليلةُ التي وُلِدَ فيها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: يا معشرَ قريشٍ! هل وُلِدَ فيكُمُ الليلةَ مولودٌ؟ قالوا: لا نَعْلَمُهُ. قالَ: وُلِدَ الليلةَ نبيُّ هذهِ الأُمَّةِ الأخيرةِ، بينَ كتفيهِ علامةٌ فيها شعراتٌ متواتراتٌ كأنَّهُنَّ عرفُ فرسٍ. فخَرَجوا باليهوديِّ حتَّى أدْخَلوهُ على أُمِّهِ، فقالوا: أخْرِجي إلينا ابنَكِ. فأخْرَجَتْهُ، وكَشَفوا عن ظهرِهِ، فرَأى تلكَ الشَّامةَ، فوَقَعَ اليهوديُّ مغشيًّا عليهِ، فلمَّا أفاقَ؛ قالوا لهُ: ويلَكَ! ما لكَ؟ قالَ: ذَهَبَتْ واللهِ النُّبوَّةُ مِن بني إسرائيلَ (٣).


(١) (ضعيف جدًّا). لم أقف عليه في المطبوع من "دلائل أبي نعيم"، فلعلّه في الأصل الكبير لـ "الدلائل" فإنّ المطبوع مختصر! وعلى كلّ؛ فقد وقفت على طريق ابن أبي شيبة عند ابن كثير في "البداية والنهاية" (٢/ ٢٥٨)؛ فقد أورده من طريق المسيّب بن شريك، ثنا محمّد بن شريك، عن شعيب بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه … فذكره مطوّلًا.
وهذا سند ساقط: المسيّب متروك، وشعيب وأبوه وجدّه لا يعرفون؛ إلّا أن يكون ما في مطبوع "البداية والنهاية" تحريفًا صوابه شعيب بن محمّد؛ يعني: ابن عبد الله بن عمرو بن العاص، كما جاء في "الفتح" (٦/ ٥٨٣)، وعندئذ فالمسيّب وحده علّة السند، مع ما في متنه من النكارة والمخالفة للمتون الصحيحة.
(٢) كأنّه يريد حديث أمّ عثمان بن أبي العاص الذي تقدّم آنفًا، وقد تبيّن لك أنّه موضوع.
(٣) (ضعيف). رواه: الفسوي، والحاكم (٢/ ٦٠١)، والبيهقي في "الدلائل" (١/ ١٠٨)؛ من طريق =

<<  <   >  >>