للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنُ مَخْرَمَةَ، وقُبَاثُ بنُ أشْيَمَ، وابنُ عَبَّاسٍ، ورُوِيَ عنهُ أنَّهُ وُلِدَ يومَ الفيلِ (١)، وقيلَ: إنَّ هذهِ الروايةَ وهمٌ، إنَّما الصَّحيحُ عنهُ أنَّهُ قالَ (٢): عامَ الفيل. ومِن العلماءِ مَن حَكى الاتِّفاقَ على ذلكَ وقالَ: كل قولٍ يُخالِفُهُ فهوَ وهمٌ.

والمشهورُ أنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ بعدَ الفيلِ بخمسينَ يومًا. وقيلَ: بعدَهُ بخمسٍ وخمسينَ يومًا. وقيلَ: بشهرٍ. وقيلَ: بأربعينَ يومًا.

و [قد] قيلَ: إنَّهُ وُلِدَ بعدَ الفيلِ بعشرِ سنينَ. وقيلَ: بثلاثٍ وعشرينَ سنةً. وقيلَ: بأربعينَ سنة. وقيلَ: قبلَ الفيلِ بخمسَ عشرةَ سنة. وهذهِ الأقوالُ وهم عندَ جمهورِ العلماءِ، ومنها ما لا يَصِحُّ عمَّن حُكِيَ عنهُ.

قالَ إبْراهيمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزامِيُّ (٣): الذي لا يَشُكُّ فيهِ أحدٌ مِن علمائِنا أنَّهُ عليهِ السَّلامُ وُلِدَ عامَ الفيلِ.

وقالَ خَليفَةُ بنُ خَياطٍ: هذا هوَ المجمَعُ عليهِ.

وكانَتْ قصَّةُ الفيلِ توطئةً لنبوَّتِهِ وتقدمةً لظهورِهِ وبعثتِهِ - صلى الله عليه وسلم -. وقد قَصَّ اللهُ تَعالى [ذلكَ] في كتابِهِ [فقالَ]: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ


= "المختارة" (١٠/ ٣٢٤/ ٣٤٨ - ٣٥١)؛ من طريق يونس بن أبي إسحاق، [عن أبي إسحاق السبيعي]، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس؛ أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ولد عام (وجاء أحيانًا: يوم) الفيل. قال الحاكم: "على شرط الشيخين"، وقال الذهبي: "على شرط مسلم". وقوّاه الهيثمي. قلت: لكنّ ذكر اليوم فيه غريب؛ إلّا أن يراد به الوقت؛ يعني: وقت الفيل.
* ورواه: الفسوي، والبيهقي في "الدلائل" (١/ ٧٩)؛ من حديث سويد بن غفلة بسند فيه رجل مبهم.
* ورواه: ابن سعد (١/ ١٠١، ٣/ ٧)، والفسوي، والبيهقي في "الدلائل" (١/ ٧٨)؛ من أوجه عدّة مرسلة، لكن بأسانيد ساقطة لا يفرح بها فلا نطيل بتفصيلها.
والحديث صحيح غاية باجتماع الأوجه الأربعة الموصولة، ولا سيّما حديث ابن عبّاس؛ فإنّه حسن لذاته، وقد صحّحه جماعة من أهل العلم منهم الترمذي وابن حبّان والحاكم والضياء والذهبي وابن كثير، واعتمده جمهور أهل العلم.
(١) تقدّم أن بعض ألفاظ حديثه "يوم الفيل" وبعضها "عام الفيل" ووجه الجمع بينها.
(٢) في خ: "وهم وأنَّه ولد"، وفي ن: "وهم والصحيح عنه أنّه قال"، والأولى ما أثبتّه من م وط.
(٣) في خ: "الخزاعيّ"! وهذا تحريف صوابه ما أثبتّه من م ون وط.

<<  <   >  >>