للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهِ. فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أمنَّ (١) النَّاسِ عليَّ في صحبتِه ومالهِ أبو بكرٍ، ولوْ كُنْتُ متَّخذًا مِن أهلِ الأرضِ خليلًا لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خليلًا، ولكَنْ أخوَّةُ الإسلامِ، لا تَبْقى في المسجدِ خوخةٌ إلَّا سُدَّتْ إلَّا خوخةُ أبي بكرٍ"؛ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

[اعْلَمْ أن] الموتَ مكتوبٌ على كلِّ حيٍّ مِن الأنبياءِ والرُّسلِ وغيرِهِم. قالَ تَعالى لنبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {إنَّكَ مَيِّتٌ وَإنَّهُمْ مَيِّتونَ} [الزمر: ٣٠]. وقال تَعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥)} [الأنبياء: ٣٤، ٣٥]. وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ … } الآيتين [آل عمران: ١٤٤].

خَلَقَ اللهُ آدَمَ مِن تُرابِ الأرضِ، ونَفَخَ فيهِ مِن روحِهِ (٢)، فكانَتْ روحُهُ في جسدِهِ وأرواحُ ذرِّيَّتِهِ في أجسادِهِم في هذهِ الدَّارِ عاريَّةً، وقَضى عليهِ وعلى ذرِّيَّتِهِ أنَّهُ لا بدَّ أنْ يَسْتَرِدَّ أرواحَهُم مِن هذهِ الأجسادِ ويُعيدَ أجسادَهُم (٣) إلى ما خُلِقَتْ منهُ - وهوَ التُّرابُ -، ووَعَدَ أنْ يُعيدَ الأجسادَ مِن الأرضِ مرَّةً ثانيةً ثمَّ يَرُدَّ إليها الأرواحَ مرَّةً ثانيةً تمليكًا دائمًا لا رجعةَ فيهِ في دارِ البقاءِ. قال تَعالى: {فيها تَحْيَوْنَ وَفيها تَموتونَ وَمِنْها تُخْرَجونَ} [الأعراف: ٢٥]. وقال: {مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفيها نُعيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أخرى} [طه: ٥٥]. وقال: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} [نوح: ١٧، ١٨]. وأرانا دليلًا في هذهِ الدَّارِ على إعادةِ الأجسادِ مِن التُّرابِ بإنباتِ الزَّرعِ مِن الأرضِ وإحياءِ الأرضِ بعدَ موتِها بالمطرِ، ودليلًا على إعادةِ الأرواحِ إلى أجسادِها بعدَ المفارقةِ بقبضِ أرواحِ العبادِ في منامِهِم (٤) ورَدِّها إليهِم في يقظتِهِم، كما قال تَعالى: {اللهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حينَ مَوْتِها وَالَّتي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها


(١) في خ: "وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنّ من أمنّ"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.
(٢) يعني: الروح التي خلقها سبحانه وتعالى واختصّ بمعرفة سرها، فنسبتها إليه تعالى من باب نسبة الناقة والبيت إليه في قولنا: ناقة الله وبيت الله.
(٣) في خ: "ويعيد أجسامهم، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.
(٤) في خ: "في منامها"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.

<<  <   >  >>