للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢)} [الزمر: ٤٢]. وفي "مسند البزَّار" عن أنَسٍ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لهُم لمَّا ناموا عن الصَّلاةِ: "إن هذهِ الأرواحَ عاريَّةٌ في أجسادِ العبادِ، فيَقْبِضُها إذا شاءَ ويُرْسِلُها إذا شاءَ" (١).

اسْتَعِدِّي لِلمَوْتِ يا نَفْسُ وَاسْعَيْ … لِنَجاةٍ فَالحازِمُ المُسْتَعِدُّ

قَدْ تَيَقَّنْتِ أنَّهُ لَيْسَ لِلْحَـ … ـي خُلودٌ وَلا مِنَ المَوْتِ بُدُّ

إنَّما أنْتِ مُسْتَعيرَةٌ ما سَوْ … فَ تَرُدِّينَ وَالعَواري تُرَدُّ

غيرُهُ:

فَما أهْلُ الحَياةِ لَنا بِأهْلٍ … وَلا دارُ الحَياةِ لَنا بِدارِ

وَما أمْوالُنا وَالأهْلُ فيها … وَلا أوْلادُنا إلَّا عَواري

وَأنْفُسُنا إلى أجَلٍ قَريبٍ … سَيَأْخُذُها المُعيرُ مِنَ المُعارِ

مفارقةُ الجسدِ للرُّوحِ لا تَقَعُ إلَّا بعدَ ألمٍ عظيمٍ تَذوقُهُ الرُّوحُ والجسدُ جميعًا.

فإن الرُّوحَ قدْ تَعَلَّقَتْ بهذا الجسدِ وألِفَتْهُ واشْتَدَّتْ أُلفَتُها لهُ وامتزاجُها [بهِ] ودخولُها فيهِ حتَّى صارا كالشَّيءِ الواحدِ فلا يَتَفارَقانِ إلَّا بجهدٍ شديدٍ وألم عظيمٍ لمْ يَذُقِ ابنُ آدَمَ في حياتِهِ ألمًا مثلَهُ. وإلى ذلكَ الإشارةُ بقولِهِ: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَة المَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥، الأنبياء: ٣٥، العنكبوت: ٥٧]. قالَ الرَّبيعُ بنُ خُثَيْمٍ: أكْثِروا [مِن] (٢) ذكرِ [هذا] الموتِ؛ فإنَّكُم لمْ تَذوقوا قبلَهُ مثلَهُ.

ويَتَزايَدُ الألمُ بمعرفةِ المحتضرِ (٣) بأنَّ جسدَهُ إذا فارَقَتْهُ الرُّوحُ صارَ جيفةً مستقذرةً


(١) (ضعيف). رواه: البزّار (٣٩٦ - كشف الأستار)، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (١/ ٤٤٤ / ١٠١)، والخطيب في "التاريخ" (٢/ ١٩٢)؛ من طريق عمر بن محمّد بن الحسن، ثنا أبي، ثنا عتبة أبو عمرو، عن الشعبيّ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه … رفعه.
قال البزّار: "لا يعلم رواه عن الشعبيّ عن أنس إلّا عتبة، تفرّد به محمّد بن الحسن الأسدي". وقال الهيثمي (١/ ٣٢٧): "فيه عتبة أبو عمرو … ولم أجد من ذكره وبقيّة رجاله رجال الصحيح". قلت: عتبة هو ابن اليقظان، ضعيف، من رجال التهذيب. وعمر بن محمّد يهم. وأبوه فيه لين. والسند ضعيف.
(٢) ليست في خ وم ون، استفدتها من ط.
(٣) في خ: "المستحضر"! والصواب ما أثبتّه من م ون وط.

<<  <   >  >>