للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيفَ يُطْمَعُ في البقاءِ وما مِن الأنبياءِ إلّا مَن ماتَ (١)؟! أم كيفَ يُؤْمَنُ هجومُ المنايا ولَم يَسْلَمِ الأصفياءُ والأحبَّاءُ؟! هيهاتَ هيهات!

قَدْ ماتَ كُلُّ نَبِيٍّ … وَماتَ كُلُّ نَبيهِ

وَماتَ كُلُّ شَريفٍ … وَعاقِلٍ وَسَفيه

لا يُوحِشَنْكَ طَريقٌ … كُلُّ الخَلائِقِ فيهِ

• أوَّلُ ما أُعْلِمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنِ انقضاءِ عُمُرِهِ باقترابِ أجلِهِ بنزولِ سورةِ {إذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} [النصر: ١]؛ فإنَّ المرادَ مِن هذهِ السُّورةِ أنَّكَ يا مُحَمَّدُ إذا فَتَحَ اللهُ عليكَ البلادَ ودَخَلَ النَّاسُ في دينِكَ الذي دَعَوْتَهُم إليهِ أفواجًا؛ فقدِ اقْتَرَبَ أجلُكَ، فتَهَيَّأ للقائِنا بالتَّحميدِ والاستغفارِ؛ فإنَّهُ قد حَصَلَ منكَ مقصودُ ما أُمِرْتَ بهِ مِن أداءِ الرِّسالةِ والتَّبليغِ، وما عندَنا خير لكَ مِن الدُّنيا، فاسْتَعِدَّ للنُّقلةِ إلينا.

قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لمَّا نَزَلَتْ هذهِ السُّورةُ، نُعِيَتْ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نفسُهُ، فأخَذَ في أشدِّ ما كانَ اجتهادًا في أمرِ الآخرةِ (٢).

ورُوِيَ في حديثٍ أنَّهُ تَعَبَّدَ حتَّى صارَ كالشَّنِّ البالي (٣).


(١) في خ ون: "وما من نبيّ من الأنبياء إلّا مات"، والأولى ما أثبتّه من م.
(٢) (حسن صحيح). رواه: عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد"، والنسائي في "الكبرى" (١١٧١٢)، وابن أبي حاتم في "التفسير"، والطبراني في "الكبير" (١١/ ٣٢٨/ ١٩٠٣) و"الأوسط" (٢٠١٧)، وابن مردويه في "التفسير"؛ من طريق هلال بن خبّاب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس … رفعه.
وهذا سند صالح، رجاله ثقات؛ إلّا هلال بن خبّاب؛ فقد تغيّر تغيّر السنّ ورقّ حفظه وليس بالمخلّط. لكن يشهد لهذا المتن ما سيأتي بعده فهو صحيح به.
(٣) (ضعيف جدًّا). رواه البيهقي في "الشعب" (١٤٩٦) من طريق نصر بن حريش الصامت، ثنا المشمعلّ بن ملحان، عن محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة … فذكره بلفظ: "كالشرك البالي"! والصامت ضعيف، والمشمعلّ يخطئ، وأبو سلمة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسل.
ورواه: ابن أبي شيبة (٣٤٣٣٧)، والبيهقي في "الشعب" (١٤٩٨)؛ من طريقين، عن هشام، عن الحسن، [عن بعض أصحابه] … به. وهذا واه فيه علل: أولاها: أنّ في رواية هشام عن الحسن مقالًا.
والثانية: إبهام صاحب الحسن. والثالثة: الإرسال.
ورواه الخطيب في "التاريخ" من حديث سفينة بسند مسلسل بالمجاهيل بنحوه.
فالطريقان ضعيفتان على إرسالهما، والموصول ساقط، وذكر الشرك - وهو النعل - في وصف النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منكر تقشعرّ له الأبدان ولا يصدر عن التابعين بإحسان.

<<  <   >  >>