للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانَ يَعْرِضُ القرآنَ [كلَّ عامٍ] على جبريلَ مرَّةً، فعَرَضَهُ ذلكَ العامَ مرَّتينِ (١).

وكانَ يَعْتكِفُ العشرَ الأواخرَ مِن رمضانَ كلَّ عامٍ، فاعْتكَفَ في ذلكَ العامِ عشرينَ، وأكْثَرَ مِن الذِّكرِ والاستغفارِ (٢).

قالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في آخرِ أمرِهِ لا يقومُ ولا يَقْعُدُ ولا يَذْهَبُ ولا يَجيءُ إلَّا قالَ: "سبحانَ اللهِ وبحمدِهِ". فذَكَرْتُ ذلكَ لهُ. فقالَ: "إنِّي أُمِرْتُ بذلكَ"، وتَلا هذهِ السُّورة (٣). (٤).

وقالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عنها: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أنْ يَقولَ قبلَ موتِهِ: "سبحانَ اللهِ وبحمدهِ، أسْتَغْفِرُ الله وأتوبُ إليهِ". فقُلْتُ لهُ: إنَّكَ تَدْعو بدعاءٍ لمْ تَكُنْ تَدْعو بهِ قبلَ اليومِ. قالَ: "إنَّ ربِّي أخْبَرَني أنِّي سَأرى عَلَمًا في أُمَّتي، وأنِّي إذا رَأيْتُهُ أنْ أُسَبِّحَ بحمدِهِ وأسْتَغْفِرَهُ، وقد رَأيْتُهُ". ثمَّ تَلا هذهِ السُّورَة (٥).

إذا كانَ سيدُ المحسنينَ يُؤْمَرُ بأنْ يَخْتِمَ أعمالَهُ بالحسنى؛ فكيفَ يَكونُ حالُ المذنبِ المسيءِ المتلوِّثِ بالذُّنوبِ المحتاجِ إلى التَّطهيرِ؟!

مَن لمْ يُنْذِرْهُ باقترابِ أجلِهِ وحيٌ؛ أنْذَرَهُ الشَّيبُ وسلبُ أقرانِهِ بالموتِ.

كَفى مُؤْذِنًا بِاقْتِرابِ الأجَلْ … شَبابٌ تَوَلَّى وَشَيْبٌ نَزَلْ

وَمَوْتُ الِلداتِ وهَلْ بَعْدَه (٦) … بَقاءٌ يُؤَمِّلُهُ مَنْ عَقَلْ


(١) رواه: البخاري (٧٩ - الاستئذان، ٤٣ - من ناجى بين يدي الناس، ١١/ ٧٩/ ٦٢٨٥ و ٦٢٨٦)، ومسلم (٤٤ - الصحابة، ١٥ - فضائل فاطمة، ٤/ ١٩٠٤/ ٢٤٥٠)؛ من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) رواه البخاري (٣٣ - الاعتكاف، ١٧ - اعتكاف العشر الأوسط، ٤/ ٢٨٤/ ٢٠٤٤) عن أبي هريرة.
(٣) في خ: "آخر عمره … وتلا هذه الآية"! وما أثبتّه من م ون وط أولى بمصادر التخريج.
(٤) (صحيح). رواه: الطبري (٣٨٢٤٨)، وابن مردويه (الدرّ - النصر)؛ من طريق مسلسلة بالثقات، عن الشعبيّ، عن أُمّ سلمة … به. قال ابن كثير: "غريب". قلت: رجاله ثقات، وسماع الشعبيّ من أُمّ سلمة قويّ راجح، والمتن لا تعوزه الشواهد، ولذلك قوّاه القاري وغيره.
(٥) رواه: البخاري (١٠ - الأذان، ١٢٣ - الدعاء في الركوع، ٢/ ٢٨١/ ٧٩٤)، ومسلم (٤ - الصلاة، ٤٢ - ما يقال عند الركوع، ١/ ٣٥١/ ٤٨٤). وهذا اللفظ لمسلم.
(٦) في خ: "وموت الأخلّاء هل بعده"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط. ولدات الرجل: أترابه الذين يقاربونه في العمر.

<<  <   >  >>