للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا إذا حال الحول؛ فليسَ لهُ التَّأْخيرُ بعدَ ذلكَ عندَ الأكثرينَ. وعن أحْمَدَ: يَجوزُ تأْخيرُها لانتظارِ قومٍ لا يَجِدُ مثلَهُم في الحاجةِ.

وأجازَ مالِكٌ وأحْمَدُ في رواية نَقْلَها إلى بلدٍ فاضلٍ. فعلى قياسِ هذا لا يَبْعُدُ جوازُ تأْخيرِها إلى زمنٍ فاضلٍ لا يوجَدُ مثلُّهَ كرمضانَ ونحوِهِ.

ورَوى يَزيدُ الرَّقاشِيُّ عن أنَسٍ؛ أن المسلمينَ كانوا يُخْرِجونَ زكاتَهُم في شعبانَ تقويةً على الاستعدادِ لرمضانَ (١). وفي الإسنادِ ضعفٌ.

• وأمَّا الاعتمارُ في رجبٍ؛ فقد رَوى ابن عُمَرَ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَمَرَ في رجبٍ، فأنْكَرَتْ ذلكَ عليهِ عائِشَةُ، وهوَ يَسْمَعُ، فسَكَتَ (٢).

واسْتَحَبَّ الاعتمارَ في رجبٍ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وغيرُهُ. وكانَتْ عائِشَةُ تَفْعَلُهُ وابنُ عُمَرَ أيضًا. ونَقَلَ ابن سِيرِينَ عن السَّلفِ أنَّهُم كانوا يَفْعَلونَهُ. فإنَّ أفضلَ الأنساكِ أنْ يُؤْتى بالحجِّ في سفرةٍ، وبالعمرةِ في سفرةٍ أُخرى في غيرِ أشهرِ الحجِّ، وذلكَ مِن جملةِ إتمامِ الحجِّ والعمرةِ المأْمورِ بهِ. كذلكَ قالَهُ جمهورُ الصَّحابةِ كعُمَرَ وعُثْمانَ وعَلِيٍّ وغيرِهِم رَضِيَ اللهُ عنهُم أجمعينَ (٣).

• وقد رُوِيَ أنَّهُ كانَ في شهرِ رجب حوادثُ عظيمةٌ (٤)، ولمْ يَصِحَّ شيءٌ مِن ذلكَ: فرُوِيَ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ في أوَّلِ ليلةٍ منهُ، وأنَّهُ بُعِثَ في السَّابعِ والعشرينَ منهُ، وقيلَ: في الخامسِ والعشرينَ. ولا يَصِحُّ شيءٌ مِن ذلكَ.

ورُوِيَ بإسنادٍ لا يَصِحُّ عن القاسِمِ بن مُحَمَّدٍ، أن الإسراءَ بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سابعِ عشرينَ رجبٍ. وأنْكَرَ ذلكَ إبْراهيمُ الحَرْبِيُّ وغيرُهُ.


(١) (ضعيف). يزيد بن أبان ضعيف منكر الحديث.
(٢) رواه: البخاري (٢٦ - العمرة، ٣ - كم اعتمر - صلى الله عليه وسلم -، ٣/ ٥٩٩/ ١٧٧٥ - ١٥٧٧)، ومسلم (١٥ - الحجّ، ٣٥ - عدد عمره - صلى الله عليه وسلم -، ٢/ ٩١٦/ ١٢٥٥).
(٣) وقال غيرهم غيره، وقد أطال ابن القيِّم يرحمه الله في "زاد المعاد" (٢/ ١٧٨) في تفصيل هذه القضيّة، وانتهى إلى أنّ أفضل الأنساك هو التمتّع الذي أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - به أصحابه وشدّد عليهم فيه، ويليه القران الذي فعله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومن ساق الهدي من أصحابه.
(٤) وكلّها أقوال مرسلة، لا تثبت إلى أصحابها، وبين أصحابها وبين النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مفاوز.

<<  <   >  >>