للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الزَّلزلة: ٧].

وقد تَقَدَّمَ قولُ ابن عُيَيْنَةَ أنَّ ثوابَ الصَّائمِ لا يَأْخُذُهُ الغرماءُ في المظالمِ بل يَدَّخِرُهُ اللهُ عندَهُ للصَّائمِ حتَّى يُدْخِلَهُ بهِ الجنَّةَ (١).

وفي "المسند": عن عُقْبَةَ بن عامِرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "ليسَ مِن عملِ يومٍ إلَّا يُخْتَمُ عليهِ" (٢).

وعن عيسى عليهِ السَّلامُ؛ قالَ: إنَّ هذا الليلَ والنَّهارَ خزانتانِ، فانْظُروا ما تَضَعونَ فيهِما.

فالأيامُ خزائنُ للنَّاسِ ممتلئةٌ بما خَزَنوهُ فيها مِن خيرٍ وشرٍّ، وفي يومِ القيامةِ تُفْتَحُ هذهِ الخزائنُ لأهلِها، فالمتَّقونَ يَجِدونَ في خزائنِهِم العزَّ والكرامةَ، والمذنبونَ يَجِدون في خزائنِهِمُ الحسرةَ والنَّدامةَ.

• الصَّائمونَ على طبقتينِ:

* إحداهُما: مَن تَرَكَ طعامَهُ وشرابَهُ وشهوتَهُ للهِ يَرْجو عندَهُ عوضَ ذلكَ في الجنَّةِ، فهذا [قد] تاجَرَ معَ اللهِ وعامَلَهُ، واللهُ تَعالى لا يُضِيعُ أجرَ مَن أحْسَنَ عملًا ولا يَخِيبُ [معَهُ] مَن عامَلَهُ، بل يَرْبَحُ عليهِ أعظمَ الرِّبحِ.

وقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ: "إنَّكَ لنْ تَدَعَ شيئًا اتِّقاءَ اللهِ إلَّا آتاكَ اللهُ خيرًا منهُ" (٣). خَرَّجَهُ الإمامُ أحمدُ.

فهذا الصَّائمُ يُعْطى في الجنَّةِ ما شاءَ اللهُ مِن طعامٍ وشرابٍ ونساءٍ.


(١) وتقدّم ما فيه (ص ٣٥٩).
(٢) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٤٢).
(٣) (صحيح). رواه: ابن المبارك في "الزهد" (١١٦٨)، ووكيع في "الزهد" (٣٥٦)، وأحمد (٥/ ٧٨ و ٧٩ و ٣٦٣)، وهنّاد في "الزهد" (٩٥٢)، والحارث (١١٠١ - زوائد الهيثمي)، والنسائي في "الكبرى" (١٥٦٦٠ - تحفة)، وابن منده في "الصحابة" (٥/ ٢٠٠ - غابة)، وأبو نعيم في "الصحابة" (٥/ ٢٠٠ - غابة)، والقضاعي في "الشهاب" (١١٣٥ - ١١٣٨)، والبيهقي في "السنن" (٥/ ٣٣٥) و"الشعب" (٥٧٤٨) و"الزهد" (٨٦٠)، وابن الأثير في "الغابة" (٥/ ٢٠٠)، والمزّي في "التهذيب" (٢٣/ ٥٧٠)؛ من طريق حميد بن هلال، [عن أبي قتادة وأبي الدهماء]، عن رجل من الصحابة من أهل البادية … رفعه.
قال الهيثمي (١٠/ ٢٩٩): "رجاله ثقات". قلت: جهالة الصحابيّ لا تضرّ، وقد صحّحه الألباني.

<<  <   >  >>