للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ اللهُ تَعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِما أسْلَفْتُمْ في الأيَّامِ الخالِيَةِ} [الحاقَّة: ٢٤]. قالَ مُجاهِدٌ وغيرُهُ: نَزَلَتْ في الصَّائمينَ.

قالَ يَعْقوبُ بنُ يوسُفَ الحَنَفِيُّ: بَلَغَنا أن الله تَعالى يَقولُ لأوليائِهِ يومَ القيامةِ: يا أوليائي! طالَما نَظَرْتُ إليكُم في الدُّنيا وقد قَلَصَتْ شفاهُكُم عن الأشربةِ وغارَتْ أعينُكُم وخَفَقَتْ بطونكُم! كونوا اليومَ في نعيمِكُم، وتَعاطَوُا الكأْسَ فيما بينكم، وكُلوا واشْرَبوا هنيئًا بما أسْلَفْتُمْ في الأيَّامِ الخاليةِ.

وقالَ الحَسَنُ: تَقولُ الحوراءُ لوليِّ اللهِ وهوَ متَّكئ معَها على نهرِ العسلِ تُعاطيهِ الكأْسَ: إنَّ الله نَظَرَ إليكَ في يومٍ صائفٍ بعيدِ ما بينَ الطَّرفينِ وأنتَ في ظمإ هاجرةٍ مِن جهدِ العطشِ، فباهى بكَ الملائكةَ وقالَ: انْظُروا إلى عبدي، تَرَكَ زوجتَهُ وشهوتَهُ ولذَّتَهُ وطعامَهُ وشرابَهُ مِن أجلي رغبةً فيما عندي، اشْهَدوا أنِّي قد غَفَرْتُ لهُ، فغَفَرَ لكَ يومئذٍ وزَوَّجَنيكَ.

وفي الصَّحيحينِ (١): عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "إنَّ في الجنَّةِ بابًا يُقالُ لهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منهُ الصَّائمونَ، لا يَدْخُلُ منهُ غيرُهُم". وفي روايةٍ: "فإذا دَخَلوا أُغْلِقَ". وفي روايةٍ: "مَن دَخَلَ منهُ شَرِبَ، ومَن شَرِبَ لمْ يَظْمَأْ أبدًا".

وفي حديثِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بن سَمُرَةَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في منامِهِ الطَّويلِ؛ قالَ: "ورَأيْتُ رجلًا مِن أُمَّتي يَلْهَثُ عطشًا، كلَّما وَرَدَ حوضًا مُنِعَ، فجاءَهُ صيامُ رمضانَ، فسَقاهُ وأرواهُ" (٢). خَرَّجَهُ الطَّبَرانِي وغيرُهُ.


(١) البخاري (٣٠ - الصوم، ٤ - الريّان للصائمين، ٤/ ١١١/ ١٨٩٦)، ومسلم (١٣ - الصيام، ٣٠ - فضل الصيام، ٢/ ٨٠٨/ ١١٥٢)؛ من حديث سهل بن سعد. والرواية الأولى والثانية عندهما رواية واحدة. والثالثة ليست في الصحيحين، وإنّما هي عند: النَّسَائِي (٢٢ - الصيام، ٤٣ - باب، ٤/ ١٦٨/ ٢٦٣٥)، وابن خزيمة (١٩٠٢)؛ إسناد رجاله رجال مسلم.
(٢) (ضعيف جدًّا). رواه: بحشل في "واسط" (ص ١٦٩)، والحكيم الترمذي في "النوادر" (إبراهيم ٢٧ - ابن كثير)، والخرائطي، وابن حبّان في "المجروحين" (٣/ ٤٣)، والطبراني (٧/ ١٨٣ - مجمع)، وأبو الشيخ في "الطبقات" (٢/ ٣٠٣)، وأبو موسى المديني، وابن الجوزي في "الواهيات" (١١٦٥ و ١١٦٦)؛ من طرق ستّة، عن ابن المسيّب، عن عبد الرحمن بن سمرة … رفعه مطوّلًا ومختصرًا.
فأمّا طريق بحشل وطريق ابن الجوزي الثانية؛ فقال ابن الجوزي: "فيه عليّ بن زيد [قلت: ضعيفًا] =

<<  <   >  >>