للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورَوى ابنُ أبي الدُّنيا بإسنادٍ فيهِ ضعف عن أنسٍ مرفوعًا: "الصَّائمونَ يَنْفَحُ (١) مِن أفواهِهِم ريحُ المسكِ، ويوضَعُ لهُم مائدةٌ تحتَ العرشِ، يَأْكُلونَ منها والنَّاسُ في الحسابِ" (٢).

وعن أنَسٍ مرفوعًا: "إنَّ للهِ مائدةً لم تَرَ مثلَها عينٌ ولمْ تَسْمَعْ أُذنٌ ولا خَطَرَ على قلبِ بشرٍ، لا يَقْعُدُ عليها إلَّا الصَّائمونَ" (٣).

وعن بعضِ السَّلفِ؛ قالَ: بَلَغَنا أنَّهُ يُوضَعُ للصُّوَّامِ مائدةٌ يَأْكُلونَ عليها والنَّاسُ في الحسابِ، فيَقولونَ: يا ربِّ! نحنُ نُحاسَبُ وهُم يَأْكُلونَ؟ فيُقالُ: إنَّهُم طالَما صاموا وأفْطَرْتُم وقاموا ونِمْتُم (٤).


= ومخلد بن عبد الواحد قال ابن حبّان: منكر الحديث جدًّا". قلت: متّهم. وأمّا طريق الحكيم الترمذي؛ ففيها أبو الحكيم الترمذي مستور، وعبد الله بن نافع وعبد الرحمن بن عبد الله لم أعرفهما. وأمّا طريقا الطبراني؛ فقال الهيثمي: "في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطي وفي الآخر خالد بن عبد الرحمن المخزومي وكلاهما ضعيف". قلت: هما متّهمان متروكان. وأمّا طريق أبي الشيخ؛ ففيها عليّ بن بشر متّهم متروك عن نوح بن يعقوب بن عبد الله الأشعري لا يعرف. وأمّا طريق ابن الجوزي الأولى؛ ففيها فرج بن فضالة ضعيف أو دون ذلك عن هلال أبي جبلة لا يعرف. فالطريقان الثانية والسادسة واهيتان، وبقيّة الطرق ساقطة، والحديث ضعيف ولو اجتمعت طرقه، وقد مال إلى توهينه ابن الجوزي وابن كثير والهيثمي.
(١) ينفح من أفواههم: يفوح من أفواههم.
(٢) (ضعيف جدًّا). رواه: ابن أبي الدنيا في "الجوع" (١٣٩) من طريق جعفر بن الحارث النخعي عن شيخ من أهل البصرة، والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص ٤٧٨) من طريق مقاتل بن سليمان عن يزيد الرقاشي؛ كلاهما عن أنس بن مالك … رفعه.
وهذا ساقط: النخعيّ ضعيف، ومقاتل كذّاب، والشيخ البصري في الأولى هو الرقاشي في الثانية ضعيف منكر الحديث، فالسند واه، والمتن منكر لائق بأخبار القصّاص.
(٣) (ضعيف جدًّا). رواه: الطبراني في "الأوسط" (٩٤٣٩)، وابن بشران في "أماليه" (٤/ ٢٤٣)؛ من طريق عبد المجيد بن كثير، ثنا بقيّة، ثني أبي بكر العنسي، ثنا أبو قبيل المصريّ، عن أنس … رفعه.
قال الطبراني: "تفرّد به بقيّة". قلت: تفرّده لا يضرّ إذا صرّح بالتحديث. وقال الهيثمي (٣/ ١٨٥): "فيه عبد المجيد بن كثير الحرّاني لم أجد من ترجمه". قلت: والعنسيّ إن كان أبا بكر بن أبي مريم كما استظهر العسقلاني فضعيف منكر الحديث وإن لم يكنه فمجهول منكر الحديث. وهاهنا علّة ثالثة، وهي الوقف على ما ذكره ابن رجب. فالسند ساقط.
(٤) هذا البلاغ من جنس الواهيات المتقدّمة قبله، فإمّا أنّه أصل لها، أو أنّها أصل له، وهذا الثاني أرجح، وكثيرًا ما يقصد بالسلف هنا الزهّاد وكبار الصوفيّة الذين تختلط عليهم الرؤى والكشوف بالنصوص المرفوعة ولا يبالون في التفريق بينها.

<<  <   >  >>