للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عملِ يومٍ إلَّا يُخْتَمُ عليهِ" (١).

ورَوى ابنُ أبي الدُّنْيا بإسنادِهِ عن مُجاهِدٍ، قالَ: ما مِن يومٍ إلَّا يَقولُ: ابنَ آدَمَ! قد دَخَلْتُ عليكَ اليومَ، ولنْ أرْجِعَ إليكَ بعدَ اليومِ، فانْظُرْ ماذا تَعْمَلُ فيَّ. فإذا انْقَضى؛ طَواهُ، ثمَّ يُخْتَمُ عليهِ فلا يُفَكُّ حتَّى يَكونَ اللهُ هوَ الذي يَفُضُّ ذلكَ الخاتَمَ يومَ القيامةِ، ويَقولُ اليومُ حينَ يَنْقَضي: الحمدُ للهِ الذي أراحَني مِن الدُّنيا وأهلِها. ولا ليلةٍ تَدْخُلُ على النَّاسِ إلَّا قالَتْ كذلكَ.

وبإسنادِهِ عن مالِكِ بن دينارٍ؛ قالَ: كانَ عيسى عليهِ السَّلامُ يَقولُ: إنَّ هذا الليلَ والنَّهارَ خزانتانِ، فانْظُروا ما تَضَعونَ فيهِما. وكانَ يَقولُ: اعْمَلوا الليلَ لِما خُلِقَ لهُ، واعْمَلوا النَّهارَ لِما خُلِقَ لهُ.

وعنِ الحَسَن؛ قالَ: ليسَ يومٌ يَأْتي مِن أيَّامِ الدُّنيا إلَّا يَتكَلَّمُ يَقولُ: يا أيُّها النَّاسُ! إنِّي يومٌ جديدٌ، وإنِّي على ما يُعْمَلُ فيَّ شهيدٌ، وإنِّي لو قد غَرَبَتْ شمسي لمْ أرْجِعْ إليكُم إلى يومِ القيامةِ.

وعنهُ أنَّهُ كانَ يَقولُ: يا ابنَ آدَمَ! اليومُ ضيفُكَ، والضيفُ مرتحلٌ، يَحْمَدُكَ أو يَذُمُّكَ، وكذلكَ الليلُ.

وبإسنادِهِ عن بكرٍ المُزَنيِّ؛ أنَّهُ قالَ: ما مِن يومٍ أخْرَجَهُ اللهُ إلى أهلِ الدُّنيا إلَّا يُنادي: ابنَ آدَمَ! اغْتَنِمْني؛ لَعَلَّهُ لا يومَ لكَ بعدي. ولا ليلةٍ إلَّا تُنادي: ابنَ آدَمَ! اغْتَنِمْني؛ لَعَلَّهُ لا ليلةَ لكَ بعدي.


(١) (صحيح). رواه: أحمد (٤/ ١٤٦)، وابن أبي الدنيا في "المرض"، والروياني (١٧٧)، والطبراني في "الكبير" (١٧/ ٢٨٤/ ٧٨٢) و"الأوسط" (٣٢٥٧)، والحاكم (٤/ ٢٦٠ و ٣٠٨)، والبغوي في "السنّة" (١٤٢٨)؛ من طريقين قويّتين، عن يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير - وهو مرثد بن عبد الله - حدّثه، عن عقبة بن عامر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: فذكره وزاد: "فإذا مرض المؤمن؛ قالت الملائكة: يا ربّنا! عبدك فلان قد حبسته. فيقول الربّ عزّ وجلّ: اختموا له على مثل عمله حتّى يبرأ أو يموت".
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يزيد إلّا ابن لهيعة". قلت: بل رواه عنه أيضًا الإمام الثقة الفقيه عمرو بن الحارث. وقال الهيثمي (٢/ ٣٠٦): "فيه ابن لهيعة وفيه كلام". قلت: رواه عنه ابن المبارك عند أحمد وابن أبي الدنيا وروايته عنه جيّدة وقد توبع، وبقيّة السند ثقات رجال الستّة، فهو صحيح. وقد صحّحه الحاكم وابن كثير والذهبي والألباني.

<<  <   >  >>