للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطي عطاءَ مَن لا يَخْشى الفاقةَ.

وفي روايةٍ لهُ (١): أن رجلًا سَألَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غنمًا بينَ جبلينِ، فأعْطاهُ إيَّاهُ، فأتى قومَهُ فقالَ: يا قومِ! أسْلِموا؛ فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطي عطاءً ما يَخافُ (٢) الفقرَ. قالَ أنَسٌ: إنْ كانَ الرَّجلُ لَيُسْلِمُ ما يُريدُ إلَّا الدُّنيا، فما يُمْسي حتَّى يَكونَ الإسلامُ أحبَّ إليهِ مِن الدُّنيا وما عليها.

وفيهِ أيضًا (٣): عن صَفْوانَ بن أُمَيَّةَ؛ قالَ: لقد أعْطاني رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما أعْطاني وإنَّهُ لَمِن أبغضِ النَّاسِ إليَّ، فما بَرِحَ يُعْطيني حتَّى إنَّهُ لأَحبُّ النَّاسِ إليَّ. قالَ ابنُ شِهابٍ: أعْطاهُ يومَ حنينٍ مئةً مِن النَّعمِ ثمَّ مئةً ثمَّ مئةً.

وفي "مغازي الواقِدِيِّ": أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعْطى صَفْوانَ [بنَ أُمَيَّةَ] يومئذٍ واديًا مملوءًا إبلًا ونعمًا، فقالَ صَفْوانُ: أشْهَدُ ما طابَتْ بهذا إلَّا نفسُ نبيٍّ (٤).

وفي الصَّحيحينِ (٥): عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ؛ أن الأعرابَ عَلِقوا بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرجعَهُ مِن حُنَيْنٍ يَسْألونَهُ أنْ يَقْسِمَ بينَهُم. فقالَ: "لو كانَ لي عددُ هذهِ العِضاهِ نَعَمًا؛ لَقَسَمْتُهُ بينكُم، ثمَّ لا تَجِدوني بخيلًا ولا كذوبًا ولا جبانًا".

وفيهِما (٦): عن جابِرٍ؛ قالَ: ما سُئِلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فقالَ: لا. وأنَّهُ قالَ لجابِرٍ: "لو جاءَنا مالُ البحرينِ؛ لقد أعْطَيْتُكَ هكذا وهكذا وهكذا (وقالَ بيديهِ جميعًا) ".


(١) (الموضع السابق، بعده).
(٢) في خ: "عطاء من لا يخاف"، وأثبتّ ما في م ون وط لموافقته لفظ مسلم.
(٣) (الموضع السابق، ٢٣١٣).
(٤) (ضعيف جدًّا). رواه الواقدي في "المغازي" (٢/ ٨٥٤، ٣/ ٩٤٦) في سياق مسند مطوّل، والواقدي متّهم لا يفرح بمسنداته. وذكر بعضه الزبير بن بكّار بغير إسناد، وعنه ابن عساكر (٢٤/ ١٠٥)، والغالب أنّ الزبير تلقّاه من الواقدي مباشرة أو بالواسطة أو من كتابه. وخير من هذا كلّه وأولى منه بالقبول عند أهل العلم مرسل الزهريّ المتقدّم.
(٥) بل تفرّد به البخاري (٥٦ - الجهاد، ٢٤ - الشجاعة في الحرب، ٦/ ٣٥/ ٢٨٢١).
(٦) البخاري (٧٨ - الأدب، ٣٩ - حسن الخلق، ١٠/ ٤٥٥/ ٦٠٣٤)، ومسلم (الموضع السابق، ٤/ ١٨٠٥/ ٢٣١١).

<<  <   >  >>