للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورُوِيَ عن ابن عَبَّاسٍ؛ قالَ: إنَّ الشَّيطانَ يَطْلُعُ معَ الشَّمس كلَّ يومٍ إلَّا ليلةَ القدرِ، وذلكَ أنَّها تَطْلُعُ لا شعاعَ لها.

وقالَ مجاهِدٌ في قولِهِ {سَلَامٌ هِيَ} قالَ: سلامٌ؛ أي: لا يَحْدُثُ فيها داءٌ ولا يَسْتَطيعُ شيطانٌ (١) العملَ فيها.

وعنهُ قالَ: ليلةُ القدرِ ليلةٌ سالمةٌ لا يَحْدُثُ فيها داءٌ ولا يُرْسَلُ فيها شيطانٌ.

وعنهُ قالَ: هيَ سالمة لا يَسْتَطيعُ الشَّيطانُ أنْ يَعْمَلَ فيها سوءًا ولا يُحْدِثَ فيها أذًى.

وعنِ الضَّحَّاكِ، عن ابن عَبَّاسٍ؛ قالَ: في تلكَ الليلةِ تُصَفَّدُ مردةُ الجنِّ، وتُغَلُّ عفاريتُ الجنِّ، وتُفْتَحُ فيها أبوابُ السَّماءِ كلِّها، ويَقْبَلُ اللهُ فيها التَّوبةَ لكلِّ تائبٍ، فلذلكَ قالَ: {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.

ويُرْوى عن أُبيِّ بن كَعْبٍ - رَضِيَ اللهُ عنهُ -؛ قالَ: لا يَسْتَطيعُ الشَّيطانُ أنْ يُصيبَ فيها أحدًا بخبلٍ أو داءٍ أو ضربٍ مِن ضروبِ الفسادِ، ولا يَنْفُذُ فيها سحرُ [ساحرٍ].

ويُرْوى بإسنادٍ ضعيفٍ عن أنسٍ مرفوعًا: أنَّهُ "لا تَسْري نجومُها، ولا تَنْبَحُ كلابُها" (٢).

وكل هذا يَدُلُّ على كفِّ الشَّياطينِ فيها عن انتشارِهِم في الأرضِ ومنعِهِم مِنِ استراقِ السَّمعِ فيها مِن السَّماءِ.

• ابنَ آدَمَ! لو عَرَفْتَ قدرَ نفسِكَ؛ ما أهَنْتَها بالمعاصي، أنتَ المختارُ مِن المخلوقاتِ، ولكَ أُعِدَّتِ الجنَّةُ إنِ اتَّقَيْتَ فهيَ أقطاعُ المتَّقين، والدُّنيا أقطاعُ إبْليسَ فهوَ فيها مِن المنظَرين. فكيفَ رَضِيتَ لنفسِكَ بالإعراضِ عن أقطاعِكَ ومزاحمةِ إبْليسَ على أقطاعِه، وأنْ تكونَ معَهُ غدًا في النَّارِ مِن جملةِ أتباعِه؟! إنَّما طَرَدْناهُ عن السَّماءِ لأجلِكَ حيثُ تَكَبَّرَ عن السُّجودِ لأبيكَ، وطَلَبْنا قربَكَ؛ لِتَكونَ مِن خاصَّتِنا وحزبِنا، فعادَيْتَنا ووالَيْتَ عدوَّنا، {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ


(١) في م و ن و ط: "سلام أن يحدث فيها داء أو يستطيع شيطان"، وأثبتّ ما في خ.
(٢) (ضعيف). لم أقف عليه بعد طول فتش فحسبي فيه قول المصنّف يرحمه الله، بل الغالب - على ما خبرت من تعقيبات المصنّف على نصوص هذا الكتاب - أنه دون ذلك بكثير.

<<  <   >  >>