للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو نَذَرَ قيامَ ليلةِ القدرِ؛ لَزِمَهُ أنْ يَقومَ مِن ليالي شهرِ رمضانَ ما يُتَيَقَّنُ بهِ قيامُها: فمَن قالَ مِن العلماءِ إنَّها في جميعِ الشَّهرِ يَقولُ: يَلْزَمُهُ قيامُ جميعِ ليالي الشَّهرِ، ومَن قالَ هيَ في النِّصفِ الأخيرِ مِن الشَّهرِ قالَ: يَلْزَمُهُ قيامُ ليالي النِّصفِ الأخيرِ منهُ، ومَن قالَ: هيَ في العشرِ الأواخرِ مِن الشَّهرِ قالَ: يَلْزَمُهُ قيامُ ليالي العشرِ كلِّها، وهوَ قولُ أصحابِنا.

وإنْ كانَ نذرُهُ كذلكَ وقد مَضى بعضُ ليالي العشرِ: فإنْ قُلْنا إنَّها لا تَنْتَقِلُ في العشرِ؛ أجْزَأهُ مِن نذرِهِ أنْ يَقومَ ما بَقِيَ مِن ليالي العشرِ ويَقومَ مِن عامٍ قابلٍ مِن أوَّلِ العشرِ إلى وقتِ نذرِهِ. وإنْ قُلْنا: إنَّها تَنْتَقِلُ في العشرِ؛ لم يَخْرُجْ مِن نذرِهِ بدونِ قيامِ ليالي العشرِ كلِّها بعدَ عامِ نذرِهِ.

ولو نَذَرَ قيامَ ليلةٍ غيرِ معيَّنةٍ؛ لَزِمَهُ قيامُ ليلةٍ تامَّةٍ، فإنْ قامَ نصفَ ليلةٍ ثمَّ نامَ؛ أجْزَأهُ أنْ يَقومَ مِن ليلةٍ أُخرى نصفَها. قالَهُ الأوْزاعِيُّ، نَقَلَهُ عنهُ الوليدُ بنُ مُسْلِمٍ في كتابِ "النُّذور"، وهوَ شبيهٌ بقولِ مَن قالَ مِن أصحابِنا وغيرِهِم: إنَّ الكفَّارةَ يُجْزئُ فيها أنْ يُعْتِقَ نصفي رقبتينِ.

• ومنها: أن النَّبيَّ كانَ يوقِظُ أهلَهُ للصَّلاةِ في ليالي العشرِ دونَ غيرِهِ مِن الليالي.

وفي حديثِ أبي ذَرٍّ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قامَ بهِم ليلةَ ثلاثٍ وعشرينَ وخمسٍ وعشرينَ وسبعٍ وعشرينَ؛ ذَكَرَ أنَّهُ دَعا أهلَهُ ونساءَهُ ليلةَ سبعٍ وعشرينَ خاصَّةً (١). وهذا يَدُلُّ على أنَّهُ يَتَأكَّدُ إيقاظُهُم في آكدِ الأوتارِ التي تُرْجى فيها ليلةُ القدرِ.

وخَرَّجَ الطَّبَرانِيُّ مِن حديثِ عَلِيٍّ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يوقِظُ أهلَهُ في العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ وكلَّ صغيرٍ وكبيرٍ يُطيقُ الصَّلاةَ (٢).


= والإعضال من أعظم آفات السند، وما أكثر ما ألّف الكذّابون على لسان أبي جعفر يرحمه الله.
(١) (صحيح). قطعة من حديث تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٣٩٦ - ٣٩٧).
(٢) (موضوع بهذا التمام). رواه الطبراني في "الأوسط" (٧٤٢١) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا عبد الغفار بن القاسم، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ وهبيرة، عن عليّ … رفعه.
وهذا سند ساقط مسلسل بالعلل: وقد أشار الهيثمي (٣/ ١٧٧) إلى أولاها بقوله: "في إسناد الطبراني عبد الغفّار بن القاسم أبو مريم وهو ضعيف". قلت: قصّر يرحمه الله؛ فإنّه كذّاب يضع. والثانية: إسماعيل هذا متّهم منكر الحديث أيضًا. والثالثة: أنّ: الطيالسي (١١٨)، وعبد الرزّاق (٧٧٠٣)، وابن أبي شيبة (٩٥٤٤)، وأحمد (١/ ٩٨ و ١٢٨ و ١٣٢ و ١٣٣ و ١٣٧)، وعبد بن حميد (٩٣ - منتخب)، والترمذي (٧٩٥)، والبزّار =

<<  <   >  >>