للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ: أحبُّ إليَّ إذا دَخَلَ العشرُ الأواخرُ أنْ يَتَهَجَّدَ بالليلِ ويَجْتَهِدَ فيهِ ويُنْهِضَ أهلَهُ وولدَهُ إلى الصَّلاةِ إنْ أطاقوا ذلكَ.

وقد صَحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ كانَ يَطْرُقُ فاطِمَةَ (١) وعَلِيًّا ليلًا فيَقولُ لهُما: "ألا تَقومانِ فتُصَلِّيانِ" (٢).

وكانَ يوقِظُ عائِشَةَ بالليلِ إذا قضى تهجُّدَهُ وأرادَ أنْ يوتِرَ (٣).

ووَرَدَ التَّرغيبُ في إيقاظِ أحدِ الزَّوجينِ صاحبَهُ للصَّلاةِ ونضحِ الماءِ في وجهِهِ.

وفي "الموطَّأ": أن عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ كانَ يُصَلِّي مِن الليلِ ما شاءَ اللهُ أنْ يُصَلِّيَ، حتَّى إذا كانَ نصفُ الليلِ؛ أيْقَظَ أهلَهُ للصَّلاةِ، يَقولُ لهُمُ: الصَّلاةَ الصَّلاةَ، ويَتْلو هذهِ الآيةَ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: ١٣٢].

كانَتِ امرأةُ حَبِيبٍ أبي مُحَمَّدٍ تَقولُ لهُ بالليلِ: قد ذَهَبَ الليلُ، وبينَ أيدينا طريقٌ بعيدٌ، وزادُنا قليلٌ، وقوافلُ الصَّالحينَ قد سارَتْ قدَّامَنا، ونحنُ قد بَقِينا!

يا نائِمً [ـــا بِـ]ــــاللَيْلِ كَمْ تَرْقُدُ … قُمْ يا حَبِيبي قَدْ دَنا المَوْعِدُ

وَخُذْ مِنَ اللَيْلِ وَأوْقاتِهِ … وِرْدًا إذا ما هَجَعَ الرُّقَّدُ

مَنْ نامَ حَتَّى يَنْقَضي لَيْلُهُ … لَمْ يَبْلُغِ المَنْزِلَ أوْ يَجْهَدُ

• ومنها: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَشُدُّ المئزرَ

واخْتَلَفوا في تفسيرِهِ: فمنهُم مَن قالَ: هوَ كنايةٌ عن شدَّةِ جدِّهِ واجتهادِهِ في العبادةِ، كما يُقالُ: فلانٌ يَشُدُّ وسطَهُ ويَسْعى في كذا. وهذا فيهِ نظرٌ؛ فإنَّها قالَتْ: "جَدَّ وشَدَّ المئزرَ"، فعطَفَتْ شَدَّ المئزرَ على جدِّهِ.


= (٧٢٥)، وأبا يعلى (٢٨٢ و ٣٧٢ - ٣٧٤)، وغيرهم؛ رووه من طريق شعبة وإسرائيل والثوري وغيرهم، عن هبيرة، عن عليّ … رفعه دون هذه الزيادة. فبان أنّها ممّا اقترفته يدا عبد الغفّار أو البجليّ.
(١) في خ: "كان يطرق باب فاطمة"، وما أثبتّه من م ون وط أولى بسياق الصحيحين.
(٢) رواه: البخاري (١٩ - التهجّد، ٥ - تحريضه - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل، ٣/ ١٠/ ١١٢٧)، ومسلم (٦ - المسافرين، ٢٨ - من نام الليل أجمع، ١/ ٥٣٧/ ٧٧٥)؛ من حديث عليّ.
(٣) رواه: البخاري (٨ - الصلاة، ١٠٣ - الصلاة خلف النائم، ١/ ٥٨٧/ ٥١٢)، ومسلم (٤ - الصلاة، ٥١ - الاعتراض بين يدي المصلّي، ١/ ٣٦٦/ ٥١٢)؛ من حديث عائشة.

<<  <   >  >>