للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخَرَّجَهُ الطَّبَرانِيُّ مِن حديثِ جابِرٍ أيضًا (١).

وخَرَّجَ ابنُ جَريرٍ الطَّبَرِيُّ مِن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُواصِلُ إلى السَّحَرِ، ففَعَلَ ذلكَ بعضُ أصحابِهِ، فنَهاهُ، فقالَ: أنتَ تَفْعَلُ ذلكَ. فقالَ: "إنَّكُم لستُم مثلي، إنِّي أظَلُّ عند ربِّي يُطْعِمُني ويَسْقيني" (٢).

وزَعَمَ ابنُ جَريرٍ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمْ يَكُنْ يُواصِلُ في صيامِهِ إلَّا إلى السَّحَرِ خاصَّةً، وأنَّ ذلكَ يَجوزُ لمَن قَوِيَ عليهِ ويُكْرَهُ لغيرِهِ، وأنْكَرَ أنْ يَكونَ استدامةُ الصِّيامِ في الليلِ كلِّهِ طاعة عندَ أحدٍ منَ العلماءِ؛ قالَ: وإنَّما كانَ يُمْسِكُ بعضُهُم لمعنًى آخرَ غيرِ الصِّيامِ: إمَّا لِيَكونَ أنشطَ لهُ على العبادةِ، أو إيثارًا بطعامِهِ على نفسِهِ، أو لخوفٍ مقلقٍ مَنَعَهُ طعامَهُ، أو نحوِ ذلكَ. فمقتضى كلامِهِ: أنَّ مَن واصَلَ ولم يُفْطِرْ لِيَكونَ أنشطَ لهُ على العبادةِ مِن غيرِ أنْ يَعْتَقِدَ أن إمساكَ الليلِ قربةٌ أنَّهُ جائزٌ (٣). وإنْ أمْسَكَ تعبُّدًا بالمواصلةِ، فإنْ كانَ إلى السَّحرِ وقَوِيَ عليهِ لم يُكْرَهْ، وإلَّا كُرِهَ.


= عن أبي عبد الرحمن)، [عن عليّ] … رفعه.
قال الهيثمي (٣/ ١٦١): "رجال الصحيح". قلت: عبد الأعلى هذا هو ابن عامر الثعلبي، ما هو من رجال الصحيح، وحديثه أقرب إلى الضعف، وقد اضطرب فجعله مرّة عن أبي عبد الرحمن السلمي ومرّة عن ابن الحنفيّة. لكن يشهد له ما قبله وما بعده، فهو حسن به على الأقلّ.
(١) (صحيح لشواهده). رواه: الحارث بن أبي أُسامة (٣٢٦ - زوائد الهيثمي) من طريق محمّد بن عمر ثنا سعيد بن مسلم بن بانك، والطبراني في "الأوسط" (٣٧٦٨) من طريق شريك؛ كلاهما عن عبد الله بن محمّد بن عقيل، عن جابر … رفعه بنحوه.
قال الهيثمي (٣/ ١٦١): "حديث حسن". قلت: طريق الحارث فيها الواقدي المتّهم، فالمعوّل على طريق "الأوسط" وحدها، وفيها شريك سيئ الحفظ وابن عقيل ليّن، لكن يشهد له ما قبله وما بعده.
(٢) (شاذّ بهذا التمام). رواه: ابن خزيمة (٢٠٧٢)، وابن جرير؛ من طريق عبيدة بن حميد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة … رفعه.
قال العسقلاني في "الفتح" (٤/ ٢٠٩): "المحفوظ في حديث أبي صالح إطلاق النهي عن الوصال دون تقييد بالسحر، ولذلك اتفّق عليه جميع الرواة عن أبي هريرة، فرواية عبيدة هذه شاذّة". وقال الألباني: "إسناده صحيح على شرط البخاري". قلت: هو كذلك عند النظر إليه على وجه الاستقلال، لكنّ زيادة "إلى السحر" هنا تفرّد بها عبيدة بن حميد دون سائر الرواة عن الأعمش وعن أبي صالح، وهي زيادة تخالف إذنه - صلى الله عليه وسلم - بالوصال إلى السحر الآتي في حديث أبي سعيد بعده، فبان أنّها شاذّة كما قال العسقلاني.
(٣) إن كان لا يراه قربة؛ فهلّا شرب جرعة ماء أو عصير تشدّ أوده!

<<  <   >  >>