للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخَرَّجَهُ ابنُ حِبَّانَ في "صحيحه" والحاكمُ. وفي روايةٍ لهُما؛ أنَّهُ قالَ: "ألمْ أنْهَكَ أنْ تَسْألَني (١) عنها؟ إنَّ الله لو أذِنَ لي أنْ أُخْبِرَكُم بها لأخْبَرْتُكُم، لا آمَنُ أنْ تَكونَ في السَّبعِ الأواخرِ" (٢).

ففي هذهِ الرِّوايةِ أن بيانَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لليلةِ القدرِ انْتَهى إلى أنَّها في السَّبعِ الأواخرِ، ولم يَزِدْ على ذلكَ شيئًا.

وهذا ممَّا يَسْتَدِلُّ بهِ مَن رَجَّحَ ليلةَ ثلاثٍ وعشرينَ وخمسٍ وعشرينَ على ليلةِ إحدى وعشرينَ؛ فإنَّ ليلةَ إحدى وعشرينَ ليستْ مِن السَّبعِ الأواخرِ بلا تردُّدٍ.

وقد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن وجوهٍ أُخَرَ أنَّهُ بَيَّنَ أنَّها ليلةُ سبعٍ وعشرينَ، كما سَيَأْتي إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.

• واخْتُلِفَ في أوَّلِ السَّبعِ الأواخرِ:

• فمنهُم مَن قالَ: أوَّلُ السَّبعِ ليلةُ ثلاثٍ وعشرينَ على حسابِ نقصانِ الشَّهرِ دونَ تمامِهِ لأنَّهُ المتيقَّنُ. ورُوِيَ هذا عن ابن عَبَّاسٍ، وسَيَأْتي كلامُهُ فيما بعدُ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.

وفي "صحيح البُخارِيِّ": عن بِلالٍ؛ قالَ: إنَّها أوَّلُ السَّبعِ مِن العشرِ الأواخرِ.

[و] خَرَّجَهُ ابنُ أبي شَيْبَةَ وعندَهُ قالَ: ليلةُ ثلاثٍ وعشرينَ.

وهذا قولُ مالكٍ؛ قالَ: أرى - واللهُ أعلمُ - أن التَّاسعةَ ليلةُ إحدى وعشرينَ، والسابعةَ ليلةُ ثلاثٍ وعشرينَ، والخامسةَ ليلةُ خمسٍ وعشرينَ.

وتَأوَّلَهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبيبٍ على أنَّهُ إنَّما يُحْسَبُ كذلكَ إذا كانَ الشَّهرُ ناقصًا، وليسَ هذا بشيءٍ؛ فإنَّهُ إنَّما أمَرَ بالاجتهادِ في هذهِ الليالي على هذا الحسابِ، وهذا لا يُمْكِنُ أن يَكونَ مراعًى بنقصانِ الشَّهرِ في آخرِهِ.

وكانَ أيُّوبُ السُّخْتِيانِيُّ يَغْتَسِلُ [في] ليلةِ ثلاثٍ وعشرينَ ويَمَسُّ طيبًا وليلةِ أربعٍ وعشرينَ، ويَقولُ: ليلةُ ثلاثٍ وعشرينَ ليلةُ أهلِ المدينةِ، وليلةُ أربعٍ وعشرينَ ليلتُنا؛


(١) في خ: "أنك عن أن تسألني"، والأولى ما أثبتّه من م و ن و ط.
(٢) (ضعيف). تقدّم تفصيله آنفًا، وقد جاء هذا اللفظ من الطريق نفسها، وله العلّة نفسها.

<<  <   >  >>