للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللهُ أعلمُ. قالَ عُمَرُ: قد نَعْلَمُ أن الله يَعْلَمُ، وإنَّما نَسْألُكَ عن علمِكَ. فقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: إنَّ الله وترٌ يُحِبُّ الوترَ، خَلَقَ مِن خلقِهِ سبعَ سماواتٍ فاسْتَوى عليهِنَّ، وخَلَقَ الأرضَ سبعًا، وجَعَلَ عدَّةَ الأيَّامِ سبعًا، ورميَ الجمارِ سبعًا، وخَلَقَ الإنسانَ مِن سبعٍ، وجَعَلَ رزقَهُ مِن سبعٍ. فقالَ عُمَرُ: خَلَقَ الإنسانَ مِن سبعٍ وجَعَلَ رزقَهُ مِن سبعٍ هذا أمرٌ ما فَهِمْتُهُ. فقالَ: إنَّ الله يَقولُ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} حتَّى بَلَغَ آخرَ الآياتِ [المؤمنون: ١٢ - ١٤]. وقَرَأ: {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا. ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا. فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا. وَعِنَبًا وَقَضْبًا. وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا … } إلى قولهِ: {وَلِأَنْعَامِكُمْ} [عبس: ٢٥ - ٣٢]. ثمَّ قالَ: والأبُّ للدَّوابِّ.

وخَرَّجَهُ ابنُ سَعْدٍ في "طبقاتِهِ" عن: إسْحاقَ الأزْرَقِ، عن عَبْدِ المَلِكِ بن أبي سُلَيْمانَ، عن سَعيدِ بن جُبَيْرٍ … فذَكَرَهُ بمعناهُ، وزادَ في آخرِهِ: قالَ: وأمَّا ليلةُ القدرِ؛ فما نَراها إنْ شاءَ اللهُ إلَّا ليلةَ ثلاثٍ وعشرينَ يَمْضِينَ [أ] و سبعٍ يَبْقَيْنَ.

والظَّاهرُ أن هذا سَمِعَهُ سَعيدُ بنُ جُبَيْرٍ مِنِ ابن عَبَّاسٍ فيَكونُ متَّصلًا.

ورَوى: عاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ، عن أبيهِ، عن ابن عَبَّاسٍ؛ قالَ: دَعا عُمَرُ الأشياخَ مِن أصحابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ، فقالَ لهُم: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في ليلةِ القدرِ مما قد عَلِمْتُمُ "الْتَمِسوها في العشرِ الأواخرِ وترًا" (١)، ففي أيِّ الوترِ تَرَوْنَها؟ فقالَ رجلٌ برأْيِهِ: إنَّها تاسعةٌ، سابعةٌ، خامسةٌ، ثالثةٌ. فقالَ: يا ابنَ عَبَّاسٍ! تَكَلَّمْ. قالَ: قُلْتُ: أقولُ


(١) (صحيح). رواه: ابن أبي شيبة (٨٦٧٠ و ٩٥٢٧)، وإسحاق في "مسنده" (٤/ ٢٦٢ - فتح)، وأحمد (١/ ١٤ و ٤٣)، والبزّار (٢١٠)، وابن نصر في "قيام رمضان" (ص ٢٥٢)، وأبو يعلى (١٦٥ و ١٦٨)، وابن خزيمة (٢١٧٢ و ٢١٧٣) والإسماعيلي في "مسند عمر" (٣٠ - ٣٣)، والحاكم (١/ ٤٣٧ - ٤٣٨)، والبيهقي في "السنن" (٤/ ٣١٣) و"الشعب" (٣٦٨٦)، وابن عبد البرّ في "التمهيد" (٢/ ٢١٠)، والضياء في "المختارة" (١/ ٢٧٦/ ١٦٦ - ١٦٧)؛ من طرق، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عبّاس، عن عمر … رفعه مع القصّة وبدونها. قال الحاكم: "على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي (٣/ ١٧٧): "رجال أبي يعلى ثقات". قلت: لم يرو مسلم لكليب أبي عاصم شيئًا، وهو صدوق حسن الحديث، فالسند كذلك.
ورواه أيضًا: ابن خزيمة (٢١٧٤)، والحاكم (١/ ٤٣٨)؛ من طريق قويّة، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس … مثله. وهذا سند قويّ.
والحديث صحيح بمجموع طريقيه، وقد صحّحه الحاكم والذهبي والهيثمي والألباني.

<<  <   >  >>