للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاسْتَحْسَنَهُ عُمَرَ (١)، وقد رُوِيَ مِن وجوهٍ متعدِّدةٍ:

فرَوى عَبْدُ الرَّزَّاقِ في "كتابِهِ": عن مَعْمَرٍ، عن قَتادَةَ وعاصِمٍ؛ أنَّهُما سَمِعا عِكْرِمَةَ يَقولُ: قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: دَعا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أصحابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فسَألَهُم عن ليلةِ القدرِ، فأجْمَعوا على أنَّها في العشرِ الأواخرِ. قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فقُلْتُ لعُمَرَ: إنِّي لأعلمُ (أو: إنِّي لأظُنُّ) أيُّ ليلةٍ هيَ. قالَ عُمَرُ: وأيُّ ليلةٍ هيَ؟ قُلْتُ: سابعةٌ تَمْضي أو سابعةٌ تَبْقى مِن العشرِ الأواخرِ. فقالَ عُمَرُ: ومِن أينَ عَلِمْتَ ذلكَ؟ قالَ: فقُلْتُ: إنَّ الله خَلَقَ سبعَ سماواتٍ، وسبعَ أرضينَ، وسبعةَ أيَّامٍ، وإنَّ الدَّهرَ يَدورُ على سبعٍ، وخَلَقَ اللهُ الإنسانَ مِن سبعٍ، ويَأْكُلُ مِن سبعٍ، ويَسْجُدُ على سبعٍ، والطَّوافُ بالبيتِ سبعٌ، ورميُ الجمارِ سبعٌ … لأشياءَ ذَكَرَها. فقالَ عُمَرُ: لقد فَطِنْتَ لأمرٍ ما فَطِنَّا لهُ.

وكانَ قَتادَةُ يَزيدُ عن ابن عَبَّاسٍ في قولِهِ "يَأْكُلُ مِن سبعٍ"؛ قالَ: هوَ قولُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا … } الآيةَ [عبس: ٢٧ - ٣١].

ولكنْ في هذهِ الرِّوايةِ أنها في سبعٍ تَمْضي أو تَبْقى بالتَّرديدِ في ذلكَ.

وخَرَّجَهُ ابنُ شاهِينَ مِن روايةِ: عَبْدِ الواحِدِ بن زيادٍ، عن عاصِمٍ الأحْوَلِ، حَدَّثَني لاحِقُ بنُ حُمَيْدٍ وعِكْرِمَةُ؛ قالا: قالَ عُمَرُ: مَن يَعْلَمُ ليلةَ القدرِ؟ فذَكَرَ الحديثَ بنحوِهِ، وزادَ أن أبنَ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هيَ في العشرِ، في سبعٍ تَمْضي أو سبعٍ تَبْقى" (٢)، فخالَفَ في إسنادِهِ وجَعَلَهُ مرسلًا ورَفَعَ آخرَهُ.

رَوى ابنُ عَبْدِ البَرِّ بإسنادٍ صحيح مِن طريقِ سَعيدِ بن جُبَيْرٍ؛ قالَ: كانَ ناسٌ مِن المهاجرينَ وَجَدوا على عُمَرَ في إدنائِهِ ابنَ عَبَّاسٍ، فجَمَعَهُم، ثمَّ سَألَهُم عن ليلةِ القدرِ، فأكْثَروا فيها، فقالَ بعضهُم: كنَّا نَراها في العشرِ الأوسطِ، ثمَّ بَلَغَنا أنَّها في العشرِ الأواخرِ، فأكْثَروا فيها، فقالَ بعضُهُم: ليلةُ إحدى وعشرينَ، وقالَ بعضُهُم: ليلةُ ثلاثٍ وعشرينَ، وقالَ بعضُهُم: ليلةُ سبعٍ وعشرينَ. فقالَ عُمَرُ: يا ابنَ عَبَّاسٍ! تَكَلَّمْ. فقالَ:


(١) في م و ن: "بمحضر عمر والصحابة معه واستحسنه عمر".
(٢) روى هذا الشقّ المرفوع البخاري (٣٢ - ليلة القدر، ٣ - تحرّي ليلة القدر، ٤/ ٢٦٠/ ٢٠٢٢) من هذه الطريق نفسها.

<<  <   >  >>