للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القدرِ في النِّصفِ مِن السَّبعِ الأواخرِ مِن رمضانَ" (١).

وإذا حَسَبْنا أوَّلَ السَّبعِ الأواخرِ ليلةَ أربعٍ وعشرينَ؛ كانَتْ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ نصفَ السَّبعِ؛ لأنَّ قبلَها ثلاثُ ليالٍ وبعدَها ثلاثُ ليالٍ.

وممَّا يُرَجِّحُ أن ليلةَ القدرِ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ أنَّها مِن السَّبعِ الأواخرِ التي أمَرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالتماسِها فيها بالاتِّفاقِ. وفي دخولِ الثَّالثةِ والعشرينَ في السَّبعِ اختلافٌ سَبَقَ ذكرُهُ، ولا خلافَ أنَّها آكَدُ مِن الخامسةِ والعشرينَ.

وممَّا يَدُلُّ على ذلكَ أيضًا حديثُ أبي ذَرٍّ في قيامِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بهِم في أفرادِ السَّبعِ الأواخرِ، وأنَّهُ قامَ بهِم في الثَّالثةِ والعشرينَ إلى ثلثِ الليلِ، وفي الخامسةِ إلى نصفِ الليلِ، وفي السَّابعةِ إلى آخرِ الليلِ حتَّى خَشُوا أنْ يَفوتَهُمُ الفلاحُ، وجَمَعَ أهلَهُ ليلتئذٍ وجَمَعَ النَّاسَ (٢).

وهذا كلُّهُ يَدُلُّ على تأكُّدِها على سائرِ أفرادِ السَّبعِ والعشرِ (٣).

وممَّا يَدُلُّ على ذلكَ (٤) ما اسْتَشْهَدَ بهِ ابنُ عَبَّاسٍ بحضرةِ عُمَرَ والصَّحابةُ معَهُ


(١) (ضعيف). رواه: الطيالسي (٣٩٤)، وابن أبي شيبة (٨٦٦٥ و ٩٥٠٩)، وأحمد (١/ ٤٠٦ و ٤٥٧)، والبخاري في "الكنى" (ص ٦٢)، وبحشل في "التاريخ" (١/ ٨٩) تعليقًا، وأبو يعلى (٥٣٧١)، وابن أبي حاتم في "العلل" (٧٧٧) تعليقًا، والشاشي في "المسند" (٨٦٣)، وابن عبد البرّ في "التمهيد" (٢/ ٢٠٧)؛ من طريقين، عن أبي عقرب الأسدي، عن ابن مسعود … رفعه.
قال الهيثمي (٣/ ١٧٧): "أبو عقرب لم أجد من ترجمه". قلت: مجهول. والطريقان إليه ضعيفتان: في إحداهما أبو الصلت بيّاع الزاد مجهول، وفي الأخرى أبو خالد الدالاني ليّن مدلّس وقد عنعن.
(٢) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٣٩٦ - ٣٩٧).
(٣) فيه نظر من أوجه: أوّلها: أن أدلّة وقوعها ليلة إحدى وثلاث وعشرين أقوى وأصحّ ولذلك خرّجها الشيخان. والثاني: أنّ أكثر أدلّة وقوعها ليلة سبع وعشرين اجتهاديّة من الصحابة والتابعين غير مرفوعة بخلاف ليلة إحدى وثلاث وعشرين. والثالث: أن أقوى ما جاء في ليلة سبع وعشرين مرفوعًا حديث أبي ذرّ ومعاوية: فأمّا حديث أبي، ذرّ؛ فغير صريح في وقوعها ليلة سبع وعشرين فمن الممكن أن تكون في ليلة تسع وعشرين ومن الممكن أن تكون في تلك السنة على الخصوص ليلة سبع وعشرين. وأمّا حديث معاوية؛ فقد تكلّموا في سنده ومتنه، ونصّ ابن حبّان (٣٦٦١) يدلّ على أنّ معاوية لم يذكر ليلة سبع وعشرين على سبيل التحديد بل على سبيل الإضافة على من خصّ ليلة القدر بإحدى وثلاث وخمس وعشرين.
(٤) وليس فيه دليل حقيقة ولا إشارة إلى أن ليلة القدر هي الليلة السابعة والعشرون كما سيأتيك قريبًا من كلام المصنف نفسه يرحمه الله.

<<  <   >  >>