للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّماءِ ورَاوْا نورًا مِن السَّماءِ وبابًا مِن السَّماءِ، وذلكَ في شهرِ رمضانَ، فأخْبَروا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بما رَأَوْا، فزُعِمَ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أمَّا النُّورُ؛ فنورُ ربِّ العزَّةِ تَعالى، وأمَّا البابُ؛ فبابُ السَّماءِ، والكلامُ كلامُ الأنبياءِ، فكلُّ شهرِ رمضانَ على هذهِ الحالِ، ولكنْ هذهِ ليلةٌ كُشِفَ غطاؤُها" (١). وهذا مرسلٌ ضعيفٌ.

• وأمَّا العملُ في ليلةِ القدرِ؛ فقد ثَبَتَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ: "مَن قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ لهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذنبِهِ" (٢). وقيامُها إنَّما هوَ إحياؤُها بالتَّهجُّدِ فيها والصَّلاةِ.

وقد أمَرَ عائِشَةَ بالدُّعاءِ فيها أيضًا (٣).

قال سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ: الدُّعاءُ في تلكَ الليلةِ أحبُّ إليَّ مِن الصَّلاةِ. قالَ: وإذا كانَ يَقْرَأُ وهوَ يَدْعو ويَرْغَبُ إلى اللهِ في الدُّعاءِ والمسألةِ لَعَلَّهُ يُوافِقُ (٤). انتهى. ومرادُهُ أنَّ كثرةَ الدُّعاءِ أفضلُ مِن الصَّلاةِ التي لا يَكْثُرُ فيها الدُّعاءُ، وإنْ قَرَأ ودَعا كانَ حسنًا.

وقد كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تتَهَجَّدُ في ليالي رمضانَ، ويَقْرَأُ قراءةً مرتَّلةً، لا يَمُرُّ بآيةٍ فيها رحمةٌ إلَّا سَألَ ولا بآيةٍ فيها عذابٌ إلَّا تَعَوَّذَ (٥)، فيَجْمَعُ بينَ الصَّلاةِ والقراءةِ والدُّعاءِ والتَّفكُّرِ. وهذا أفضلُ الأعمالِ وأكملُها في ليالي العشرِ وغيرِها. واللهُ أعلمُ.

وقد قالا الشَّعْبِيُّ في ليلةِ القدرِ: ليلُها كنهارِها.

وقالَ الشَّافِعِيُّ في القديمِ: أسْتحِبُّ أنْ يَكونَ اجتهادُهُ في نهارِها كاجتهادِهِ في ليلِها.

وهذا يَقْتَضي استحبابَ الاجتهادِ في جميعِ زمانِ العشرِ الأواخرِ؛ ليلِهِ ونهارِهِ.


(١) (موضوع). لم أقف عليه في غير هذا الموضع، لكنّ المصنّف يرحمه الله أورد سنده وفيه: إبراهيم بن الحكم ضعيف. وأبوه الحكم صاحب أوهام. وفرقد هو السبخيّ ضعيف منكر الحديث. ثمّ هو معضل ساقط الصحابيّ والتابعيّ. ثمّ إنّه سيق سياقة القصص لا سياقة الروايات، ودلك واضح في قوله: "فزُعم أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال". وفي متته نكارة ظاهرة.
(٢) متفق عليه. سيأتي (ص ٤٦٨ - ٤٦٩) من غير ما وجه.
(٣) (صحيح). سيأتي بنصِّه وتخريجه (ص ٤٦٦).
(٤) في خ: "لعلّه أن يوافق"، والأولى ما أثبته من م و ن و ط.
(٥) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٣٩٤ - ٣٩٥).

<<  <   >  >>