للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللهُ أعلمُ.

المحبُّونَ تَطولُ عليهِمُ الليالي فيَعُدُّونَها عذًا لانتظارِ ليالي العشرِ في كلِّ عامٍ، فإذا ظَفِروا بها؛ نالوا مطلوبَهُم وخَدَموا محبوبَهُم (١).

قَدْ مَزَّقَ الحُبُّ قَميصَ الصَّبْرِ … وَقَدْ غَدَوْتُ حائِرًا في أمْري

آهٍ عَلى تِلْكَ الليالي الغُرِّ … ما كُنَّ إلَّا كَلَيالي القَدْرِ

إنْ عُدْنَ لي مِنْ بَعْدِ هذا الهَجْرِ … وَفَّيْتُ لِلهِ بِكُلِّ نَذْرِ

وَقامَ بالحَمْدِ خَطيبُ شُكْري

رياحُ هذهِ الأسحارِ تَحْمِلُ أنينَ المذنبينَ وأنفاسَ المحبِّينَ وقصصَ التَّائبينَ ثمَّ تَعودُ بردِّ الجوابِ بلا كتابٍ.

أعَلِمْتُمُ أنَّ النَّسيمَ إذا سَرى … حَمَلَ الحديثَ إلى الحَبيبِ كَما جَرى

جَهِلَ العَذولُ بِأنَّني في حُبِّهِمْ … سَهَرُ الدُّجى عِندي ألَذُّ مِن الكَرى

فإذا وَرَدَ بريدُ بردِ السَّحرِ يَحْمِلُ ملطَّفاتِ الألطافِ؛ لمْ يَفْهَمْها غيرُ مَن كُتِبَتْ إليهِ ولا يَعْقِلُها إلَّا كلُّ مشتاقٍ.

نَسيمَ صَبا نَجْدٍ مَتى جِئْتَ حامِلًا … تَحِيَّتَهُمْ فَاطْوِ الحَديثَ عَنِ الرَّكْبِ

وَلا تُذِعِ السِّرَّ المَصونَ فَإنَّني … أغارُ عَلى ذِكْرِ الأحِبَّةِ مِنْ صَحْبي

يا يَعْقوبَ الهجرِ! قد هَبَّتْ ريحُ يوسُفَ الوصلِ، فلوِ اسْتَنْشَقْتَ؛ لَعُدْتَ بعدَ العمى بصيرًا، ولَوَ جَدْتَ ما كُنْتَ لفقدِهِ فقيرًا.

كانَ لي قَلْبٌ أعِيشُ بِهِ … ضاعَ مِنِّي في تَقَلُّبِهِ

رَبِّ فَارْدُدْهُ عَلَيَّ فَقَدْ … عِيلَ صَبْري في تَطَلُّبِهِ

وَأغِثْ ما دامَ بي رَمَقٌ … يا غِياثَ المُسْتَغيثِ بِهِ

لو قامَ المذنبونَ في هذهِ الأسحار، على أقدامِ الانكسار، ورَفَعوا قَصصَ الاعتذار (٢)، مضمونُها {يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا


(١) راجع ما تقدّم (ص ٤٢٥ - ٤٢٦) في لفظ "الخدمة".
(٢) قصص الاعتذار: قصاصات الورق التي كتب عليها الاعتذار.

<<  <   >  >>