للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنْ كانَتِ الرَّحمةُ للمحسنينَ؛ فالمسيءُ لا يَيْأسُ منها، وإنْ تَكُنِ المغفرةُ مكتوبةً للمتَّقينَ؛ فالظَّالمُ لنفسِهِ غيرُ محجوبٍ عنها.

إنْ كانَ عَفْوُكَ لا يَرْجوهُ ذو خَطإ … فَمَنْ يَجودُ على العاصينَ بِالكَرَمِ

غيرُهُ:

إنْ كانَ لا يَرْجوكَ إلَّا مُحْسِنٌ … فَمَنِ الذي يَرْجو ويَدْعو المُذْنِبُ

{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: ٥٣].

فيا أيُّها العاصي! وكلُّنا ذلك، لا تَقْنَطْ مِن رحمةِ اللهِ لسوءِ أعمالِك، فكم يُعْتَقُ مِن النَّارِ في هذهِ الأيَّامِ مِن أمثالِك! فأحْسِنِ الظَّنَّ بمولاكَ وتُبْ إليهِ؛ فإنَّهُ لا يَهْلِكُ على اللهِ [إلَّا] هالك.

إذا أوْجَعَتْكَ الذُّنوبُ فَداوِها … بِرَفْعِ يَدٍ في اللَيْلِ وَاللَيْلُ مُظْلِمُ

وَلا تَقْنَطَنْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إنَّما … قُنوطُكَ مِنْها مِنْ ذُنوبِكَ أعْظَمُ

فَرَحْمَتُهُ لِلْمُحْسِنينَ كَرامَةٌ … وَرَحْمَتُهُ لِلمُذْنِبينَ تَكَرُّمُ

• يَنْبَغي لمَن يَرْجو العتقَ مِن النَّارِ في شهرِ رمضانَ أنْ يَأْتِيَ بأسبابٍ توجِبُ العتقَ مِن النَّارِ، وهيَ متيسِّرةٌ في هذا الشَّهرِ.

وكانَ أبو قِلابَةَ يُعْتِقُ في آخرِ الشَّهرِ جارية حسناءَ مزيَّنةً يَرْجو بعتقِها العتقَ مِن النَّارِ.

وفي حديثِ سَلْمانَ المرفوعِ الذي في "صحيح ابن خُزَيْمَةَ": "مَن فَطَّرَ فيهِ صائمًا؛ كانَ عتقًا لهُ مِن النَّارِ، ومَن خَفَّفَ فيهِ عن مملوكِهِ؛ كانَ عتقًا لهُ مِن النَّارِ" (١).

وفيهِ أيضًا: "فاسْتكْثِروا فيهِ مِن خصلتينِ تُرْضونَ بهِما ربَّكُم [وخصلتينِ] لا غنى بكُم عنهُما. فأمَّا الخصلتانِ اللتانِ تُرْضونَ بهِما ربَّكُم؛ فشهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ والاستغفارُ. وأمَّا اللتانِ لا غنى بكُم عنهُما؛ فتَسْألونَ الله تَعالى الجنَّةَ وتَعُوذونَ بهِ مِن


(١) (ضعيف جدًّا). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٣٥٥).

<<  <   >  >>