للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْجَنَّةِ} [هود: ١٠٦ - ١٠٨].

لَيْسَ السَّعيدُ الَّذي دُنْياهُ تُسْعِدُهُ … إنَّ السَّعيدَ الذي يَنْجو مِنَ النَّارِ

• عبادَ اللهِ! [إنَّ] شهرَ رمضانَ قد عَزَمَ على الرَّحيل، ولم يَبْقَ منهُ إلَّا القليل. فمَن منكُم أحْسَنَ فيهِ فعليهِ التَّمام، ومَن كانَ فَرَّطَ فلْيَخْتِمْهُ بالحسنى فالعملُ بالختام. فاسْتَمْتِعوا منهُ بما بَقِيَ مِن الليالي اليسيرةِ والأيَّام، واسْتَوْدِعوهُ عملًا صالحًا يَشْهَدُ لكُم بهِ عندَ الملكِ العلَّام، ووَدِّعوهُ عندَ فراقِهِ بأزكى تحيَّةٍ وسلام.

سَلَامٌ مِنَ الرَّحْمنِ كُلَّ أوانِ … عَلى خَيْرِ شَهْرٍ قَدْ مَضى وَزَمانِ

سَلامٌ عَلى شَهْرِ الصِّيامِ فَإنَّهُ … أمانٌ مِنَ الرَّحْمنِ أيُّ أمانِ

لَئِنْ فَنِيَتْ أيَّامُكَ الغُرُّ بَغْتَةً … فَما الحُزْنُ مِنْ قَلْبي عَلَيْكَ بِفانِ

لقد ذَهَبَتْ أيَّامُهُ وما أطَعْتُم، وكُتِبَتْ عليكُم فيهِ آثامُهُ وما أضَعْتُم، وكأنَّكُم بالمشمِّرينَ فيهِ وقد وَصَلوا وانْقَطَعْتُم، أتُرى ما هذا التَّوبيخُ لكُم أو ما سَمِعْتُم؟!

ما ضاعَ مِن أيَّامِنا هَلْ يُغْرَمُ … هَيْهاتَ وَالأزمانُ كَيْفَ تُقَوَّمُ

يَوْمٌ بِأرْباحٍ يُباعُ وَيُشْتَرى … وَأخوهُ لَيْسَ يُسامُ فيهِ دِرْهَمُ (١)

قلوبُ المتَّقينَ إلى هذا الشَّهرِ تَحِنُّ ومِن ألمِ فراقِهِ تَئِنُّ.

دَهاكَ الفِراقُ فَما تَصْنَعُ … أتَصبِرُ لِلْبَيْنِ أمْ تَجْزَعُ

إذا كُنْتَ تَبْكي وَهُمْ جِيرَةٌ … فَكَيْفَ تَكونُ إذا وَدَّعوا

كيفَ لا يَجْري للمؤمنِ على فراقِهِ دموعُ، وهوَ لا يَدْري هلْ بَقِيَ لهُ في عمرِهِ إليهِ رجوعُ؟!

تَذَكَّرْتُ أيامًا مَضَتْ وَلَيالِيا … خَلَتْ فَجَرَتْ مِنْ ذِكْرِهِنَّ دُموعُ

ألا هَلْ لَها يَوْمًا مِنَ الدَّهرِ عَوْدَةٌ … وَهَلْ لي إلى وَقْتِ الوِصالِ رُجوعُ

وَهَلْ بعدَ إعْراضِ الحَبيبِ تَواصُلٌ … وَهَلْ لِبُدورٍ قَدْ أفَلْنَ طُلوعُ

أينَ حُرَقُ المجتهدينَ في نهارِه؟! أينَ قلقُ المتهجِّدينَ (٢) في أسحارِه؟


(١) في خ: "فقد ذهبت أيّامه … فهيهات … وأخوه بخس لا يساوي درهم"، وأثبت ما في م و ط.
(٢) في خ: "قلق المجتهدين"، والأولى ما أثبتّه من م و ط.

<<  <   >  >>