للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِسْمَعْ أنينَ العاشِقيـ … ــــــــــــنَ إنِ اسْتَطَعْتَ لَهُ سَماعا

راحَ الحَبيبُ فَشَيَّعَتْـ … ـهُ مَدامِعي تَهْمِي سِراعا

لَوْ كُلِّفَ الجَبَلُ الأصَمْ … مُ فِراقَ إلْفٍ ما اسْتَطاعا

إذا كانَ هذا جزعَ مَن رَبِحَ فيه؛ فكيفَ حالُ مَن خَسِرَ في أيَّامِهِ ولياليه؟! ماذا يَنْفَعُ المفرِّطَ فيهِ بكاؤُه وقد عَظُمَتْ فيهِ مصيبتُهُ وجَلَّ عزاؤُه؟! كم نُصِحَ المسكينُ فما قَبِلَ النُّصح! كم دُعِيَ إلى المصالحةِ فما أجابَ إلى الصُّلح! كم شاهَدَ الواصلينَ وهوَ متباعد! كم مَرَّتْ بهِ زمرُ السَّائرينَ وهوَ قاعد! حتَّى إذا ضاقَ بهِ الوقتُ وحاقَ بهِ المقتُ؛ نَدِمَ على التَّفريطِ حينَ لا يَنْفَعُ النَّدم، وطَلَبَ الاستدراكَ في وقتِ العدم.

أتَتْرُكُ مَنْ تُحِبُّ وَأنْتَ جارُ … وَتَطْلُبُهُمْ إذا بَعُدَ المَزارُ

وَتَبْكي بَعْدَ نَأْيِهِمُ اشْتِياقا … وَتَسْألُ في المَنازِلِ أينَ ساروا

تَرَكْتَ سُؤالَهُمْ وَهُمُ حُضورٌ … وَتَرْجو أنْ تُخَبِّرَكَ الدِّيارُ

فَنَفْسَكَ لُمْ وَلا تَلُمِ المَطايا … وَمُتْ كَمَدًا فَلَيْسَ لَكَ اعْتِذارُ

يا شهرَ رمضانَ! تَرَفَّقْ، دموعُ المحبِّينَ لذهابِكَ تَدَفَّق، قلوبُهُم مِن ألمِ الفراقِ تَشَقَّق، عَسى وقفةٌ للوداعِ تُطْفِئُ مِن نارِ الشَّوقِ ما أحْرَق، عسى ساعةُ توبةٍ وإقلاعٍ تَزفو مِن الصِّيامِ كلَّ ما تَخَرَّق، عَسى منقطِعٌ عن ركبِ المقبولينَ يَلْحَق، عسى مَنِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ يُعْتَق، عسى أُسراءُ الأوزارِ تُطْلَق، عسى رحمةُ المولى لها العاصي يُوَفَّق.

عَسى وَعَسى مِنْ قَبْلِ وَقْتِ التَّفَرُّقِ … إلى كُلِّ ما تَرجو مِنَ الخَيْرِ تَرْتَقي

فَيُجْبَرَ مَكْسورٌ (١) وَيُقْبَلَ تائِبٌ … وَيُعْتَقَ خَطَّاءٌ وَيَسْعَدَ مَنْ شَقِي

* * *


(١) في حاشية خ: "خ مردود خ مطرود"؛ يعني أنّه كذلك في بعض النسخ. وفي م: "فيقرب مردود ويقبل تائب ويجبر مكسور … ".

<<  <   >  >>