للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شعبانيًّا. ثمَّ أنْشَدَ:

إذا كُنْتُ في حَرْبِ الهَوى مُتَجَرِّدًا … فَفي كُلِّ أرْضٍ لِيَ ثَغْرٌ وَطَرْسُوسُ (١)

• كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عملُهُ ديمةٌ. وسُئِلَتْ عائِشَةُ: هل كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخُصُّ يومًا مِن الأيَّامِ؟ فقالَتْ: لا؛ كانَ عملُهُ ديمةً (٢). وقالَتْ: كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَزيدُ في رمضانَ ولا غيرِهِ على إحدى عشرةَ ركعةً (٣).

وقد كانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضي ما فاتَهُ مِن أورادِهِ في رمضانَ في شوَّالٍ، فتَرَكَ في عامٍ اعتكافَ العشرِ الأواخرِ مِن رمضانَ، ثمَّ قضاهُ في شوَّالٍ، فاعْتكَفَ العشرَ الأوَّلَ منهُ (٤).

وسَألَ رجلًا: هل صامَ مِن سررِ شعبانَ شيئًا؟ فقالَ: لا. فأمَرَهُ أنْ يَصومَ إذا أفْطَرَ (٥). يَعْني: يَقْضي ما فاتَهُ مِن صيامِ شعبانَ في شوَّالٍ.

وقد تَقَدَّمَ عن أُمِّ سَلَمَةَ أنَّها كانَتْ تَأْمُرُ أهلَها مَن كانَ عليهِ قضاءٌ مِن رمضانَ أنْ يَقْضِيَهِ الغدَ مِن يومِ الفطرِ.

فمَن كانَ عليهِ قضاءٌ مِن شهرِ رمضانَ؛ فلْيَبْدَأْ بقضائِهِ في شوَّالٍ؛ فإنَّهُ أسرعُ لبراءةِ ذمَّتِهِ، وهوَ أولى مِن التَّطوُّعِ بصيامِ ستٍّ مِن شوَّالٍ؛ فإنَّ العلماءَ اخْتَلَفوا فيمَن عليهِ صيامٌ مفروضٌ هل يَجوزُ أنْ يَتَطَوَّعَ قبلَهُ أم لا؟ وعلى قولِ مَن جَوَّزَ التَّطوُّعَ قبلَ القضاءِ؛ فلا يَحْصُلُ مقصودُ صيامِ ستَّةِ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ إلَّا لمَن أكْمَلَ صيامَ رمضانَ ثمَّ أتْبَعَهُ ستًّا مِن شوَّالٍ (٦)، فمَن كانَ عليهِ قضاءٌ مِن رمضانَ ثمَّ بَدَأ بصيامِ ستٍّ مِن شوَّالٍ تطوُّعًا؛ لم


(١) في خ: "فكلّ أرض لي ثغر وطرسوس"! وفي م: "فكلّ أرضي ثغر لي وطرسوس"! ولا يستقيم الوزن إلّا بما أثبتّه. وطرسوس مدينة اقتتل عليها المسلمون والأرمن مرارًا.
(٢) رواه: البخاري (٣٠ - الصوم، ٦٤ - هل يخصّ شيئًا، ٤/ ٢٣٥/ ١٩٨٧)، ومسلم (٦ - المسافرين، ٣٠ - فضيلة العمل الدائم، ١/ ٥٤١/ ٧٨٣).
(٣) رواه: البخاري (١٩ - التهجّد، ١٦ - قيامه - صلى الله عليه وسلم -، ٣/ ٣٣/ ١١٤٧)، ومسلم (٦ - المسافرين، ١٧ - صلاة الليل، ١/ ٥٠٩/ ٧٣٨).
(٤) رواه: البخاري (٣٣ - الاعتكاف، ٦ - اعتكاف النساء، ٤/ ٢٧٥/ ٢٠٣٣)، ومسلم (١٤ - الاعتكاف، ٢ - متى يدخل من أراد الاعتكاف، ٢/ ٨٣١/ ١٧٣)؛ من حديث عائشة.
(٥) متفق عليه. تقدّم بلفظه وتخريجه (ص ٣٣٣ - ٣٣٤).
(٦) لأنّه ظاهر الحديث.

<<  <   >  >>