للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما للمُحِبِّ سِوى إرادَةِ حِبِّهِ (١) … إنَّ المُحِبَّ بِكُلِّ بِرٍّ يَضْرَعُ

كلُّ وقتٍ يُخْليهِ العبدُ مِن طاعةِ مولاهُ فقد خَسِرَه، وكلُّ ساعةٍ يَغْفُلُ فيها عن ذكرِ اللهِ تَكونُ عليهِ يومَ القيامةِ تِرَة. فوا أسفاهُ على زمانٍ ضاعَ في غيرِ طاعتِه! ووا حسرتاهُ على وقتٍ فاتَ في غيرِ خدمتِه (٢)!

مَنْ فاتَهُ أنْ يَراكَ يَوْمًا … فَكُلُّ أوْقاتِهِ فَواتُ

وَحَيْثُما كُنْت مِنْ بِلادٍ … فلي إلى وَجْهِكَ الْتِفاتُ

مَن عَمِلَ طاعةً مِن الطَّاعاتِ وفَرَغَ منها؛ فعلامةُ قبولِها أنْ يَصِلَها بطاعةٍ أُخرى، وعلامةُ ردِّها أنْ يُعْقِبَ تلكَ الطَّاعةَ بمعصيةٍ.

ما أحْسَنَ الحسنةَ بعدَ السَّيِّئةِ تَمْحُوها! وأحْسَنُ منها الحسنةُ بعدَ الحسنةِ تَتْلوها.

وما أقْبَحَ السَّيِّئةَ بعدَ الحسنةِ تَمْحَقُها وتَعْفوها!

ذنبٌ واحدٌ بعدَ التَّوبةِ أقبحُ مِن سبعينَ ذنبًا قبلَها.

النَّكسةُ أصعبُ مِن المرضِ وربَّما أهْلَكَتْ.

سَلُوا الله الثَّباتَ على الطَّاعاتِ إلى المماتِ، وتَعَوَّذوا بهِ مِن تَقَلُّبِ القلوبِ ومِنَ الحورِ بعدَ الكورِ.

ما أوحشَ ذلَّ المعصيةِ بعدَ عزِّ الطَّاعة، وأفحشَ فقرَ الطَّمعِ بعدَ غنى القناعة!

ارْحَموا عزيزَ قومٍ بالمعاصي ذَلَّ، وغنيَّ قومٍ بالذُّنوبِ افْتَقَرَ.

تَرى الحَيَّ الأُلَى بانوا (٣) … عَلى العَهْدِ كَما كانوا

أمِ الدَّهْرُ بِهِمْ خانَ … وَدَهْرُ المَرْءِ خَوَّانُ

إذا عَزَّ بِغَيْرِ اللـ … ــــــــــــهِ يَوْمًا مَعْشَرٌ هانوا

يا شبابَ التَّوبةِ! لا تَرْجِعوا إلى ارتضاعِ ثدي الهوى [مِن] بعدِ الفطام؛ فالرَّضاعُ إنَّما يَصْلُحُ للأطفالِ لا للرِّجال! ولكنْ لا بدَّ مِن الصَّبرِ على مرارةِ الفطامِ، فإنْ صَبَرْتُمْ؛


(١) بكسر الحاء؛ أي: محبوبه.
(٢) تقدّم (ص ٤٢٥ - ٤٢٦) الكلام فيما في لفظ "الخدمة" هنا من إشكال.
(٣) الأُلى بانوا: الذين بانوا.

<<  <   >  >>