للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَعَوَّضْتُم عن لذَّةِ الهوى بحلاوةِ الإيمانِ في القلوبِ. مَن تَرَكَ للهِ شيئًا؛ لم يَجِدْ فقدَهُ وعَوَّضَهُ اللهُ خيرًا منهُ. {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال: ٧٠]. وفي الحديثِ: "النَّظرُ سهمٌ مسمومٌ مِن سهامِ إبْليسَ، مَن تَرَكَهُ مِن خوفِ اللهِ؛ أعْطاهُ اللهُ إيمانًا يَجِدُ حلاوتَهُ في قلبِهِ" (١). خرَّجَهُ الإمامُ أحْمَدُ.

وهذا الخطابُ للشَّبابِ. فأمَّا الشيخُ إذا عاوَدَ المعاصيَ بعدَ انقضاءِ رمضانَ؛ فهوَ أقبحُ وأقبحُ؛ لأنَّ الشَّبابَ يُؤَمِّلُ معاودةَ التَّوبةِ في آخرِ عمرِهِ، وهوَ مخاطرٌ؛ فإنَّ الموتَ قد يُعاجِلُهُ وقد يَطْرُقُهُ بغتةً. فأمَّا الشَّيخُ؛ فقد شارَفَ مركبُهُ ساحلَ بحرِ المنونِ؛ فماذا


(١) (ضعيف جدًّا). وقد جاء من حديث جماعة من الصحابة:

• فرواه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي واضطرب فيه على أربعة وجوه: روى أوّلها: الحاكم (٤/ ٣١٣)، والقضاعي (٢٩٢)، وابن الجوزي في "ذمّ الهوى" (ص ١١٦)، والذهبي في "الميزان" (١/ ١٩٤) تعليقًا؛ عنه، عن محارب بن دثار، عن صلة بن زفر، عن حذيفة … رفعه. قال الحاكم: "صحيح الإسناد"، وأقرّه العراقي، وضعّفه المنذري، وقال الذهبي: في الطريق إليه "إسحاق بن عبد الواحد القرشي واه، وعبد الرحمن هو الواسطي ضعّفوه". وروى الثاني الطبراني (١٠/ ١٧٣/ ١٠٣٦٢) عنه، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود … رفعه بنحوه. قال الهيثمي (٨/ ٦٦): "فيه عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف". وروى الثالث القضاعي (٢٩٣) عنه، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر … رفعه. وروى الرابع ابن الجوزي في "ذمّ الهوى" (ص ١١٦) عنه، عن النعمان بن سعد، عن علي … رفعه وجعله قدسيًّا. وما من حاجة هنا إلى دراسة الطرق والترجيح؛ فإنّ الواسطيّ هذا واه منكر الحديث.

• ورواه: أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ١٠١)، وابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص ١١٥ - ١١٦)؛ من طريق أبي مهدي سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرّة، عن ابن عمر … رفعه. وأبو مهدي هذا متّهم رموه بالوضع.

• ورواه: أحمد (٥/ ٢٦٤)، والطبراني (٨/ ٢٠٨/ ٧٨٤٢)، والبيهقي في "الشعب" (٥٤٣١)، وابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص ١١٥ و ١١٦)؛ من طريق يحيى بن أيّوب، عن عبيد الله بن زحر، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أُمامة … رفعه. قال الهيثمي (٨/ ٦٦): "فيه عليّ بن يزيد الألهاني وهو متروك".
قلت: ويحيى وعبيد الله والقاسم فيهم ضعف.

• ورواه ابن الجوزي في "ذمّ الهوى" (ص ١١٦ و ١١٧) من طريق عصمة بن محمّد، ثنا موسى بن عقبة، عن القاسم بن محمّد، عن عائشة … رفعته. وعصمة هذا متّهم متروك.

• ورواه ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص ٧٩) من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، عن خصيف، عن أنس … رفعه مختصرًا. والقرشيّ متهم متروك، وخصيف ليّن روايته عن أنس منقطعة.
فطرق الحديث شديدة الضعف لا يصلح شيء منها للاعتبار كما ترى، فاجتماعها لا يضيف للحديث قوّة، ولذلك ضعّفه المنذري والذهبي والهيثمي، وقال الألباني: "ضعيف جدًّا".

<<  <   >  >>