للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ النَّخَعِيُّ: كانوا يَكْرَهونَ القَصَصَ لهذهِ الآياتِ الثَّلاثِ.

قيلَ لمُوَرِّقٍ العِجْلِيِّ (١): ألا تَعِظُ أصْحابَكَ؟ قال: أكْرَهُ أنْ أقول ما لا أفْعَلُ.

تَقَدَّمَ بعضُ الصَّالحينَ لِيُصَلِّي بالنَّاسِ إمامًا، فالْتَفَتَ إلى المأْمومينَ يُعَدِّل الصُّفوفَ وقال: اسْتَوُوا! فغُشِيَ عليهِ، فسُئِلَ عن سببِ ذلكَ، فقال: لمَّا قُلْتُ لهُمُ: اسْتَقيموا؛ فَكَّرْتُ في نفسي فقُلْتُ لَها: فأنتِ، هلِ اسْتَقَمْتِ معَ اللهِ طرفةَ عينٍ (٢)؟

ما كُلُّ مَنْ وَصَفَ الدَّوا يَسْتَعْمِلُهْ … وَلا كُلُّ مَنْ وَصَفَ التُّقى [هُوَ] ذو تُقى (٣)

وَصَفْتُ التُّقى حَتَّى كَأنِّيَ ذو تُقى … وَريحُ الخَطايا مِن ثِيابِيَ تَسْطَعُ

ومعَ هذا كلِّهِ فلا بُدَّ للنَّاسِ مِن الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكرِ والوعظِ والتَّذكيرِ، ولو لمْ يَعِظِ النَّاسَ إلَّا معصومٌ مِن الزَّللِ؛ لمْ يَعِظْ بعدَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحدٌ؛ لأنَّهُ لا عصمةَ لأحدٍ بعدَهُ.

لَئِنْ لَمْ يَعِظِ العاصِينَ مَنْ هُوَ مُذْنِبُ … فَمَنْ يَعِظُ العاصِينَ بَعْدَ مُحَمَّدِ (٤)

ورَوى ابنُ أبي الدُّنيا بإسناد فيهِ ضعفٌ: عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "مُروا بالمعروفِ وإنْ لمْ تَعْمَلوا بهِ كلِّهِ، وانْهَوْا عن المنكرِ وإنْ لمْ تَنْتَهوا عنهُ كلِّهِ" (٥).


(١) في خ و ن: "لمطرّف العجلي"! وجاء فوقها في ن: "لمورّق". وجاءت في م وط على الجادّة.
(٢) فأبقِ هذا سرًّا بينك وبين ربك ولا تبح به للخلق! ما أكثر ما كان يغشى على أصحاب الدعاوى.
(٣) في ن: "الدواء استعمله"، وأثبتّ ما في خ وم، وأضفت [هو] ليستقيم الوزن.
(٤) صدر البيت غير مستقيم وزنًا، وعجزه من الطويل.
(٥) (ضعيف جدًّا). رواه ابن أبي الدنيا في "المعروف" (٢٢٨٣ - ضعيفة) والبيهقي في "الشعب" (٧٥٧٠) من طريق طلحة بن عمرو المكّي، ورواه ابن عديّ في "الكامل" (٦/ ٢٣٠٠) ثنا محمَّد بن أحمد بن عيسى المرّوذي ثنا الحسن بن عرفة ثنا المحاربي عن العلاء بن المسيّب؛ كلاهما عن عطاء، عن أبي هريرة … رفعه. قال ابن عدي: "غير محفوظ". قلت: في طريق البيهقي وابن أبي الدنيا طلحة المكيّ متروك، وفي طريق ابن عديّ المرّوذي وضّاع. ومن هنا يتبين لك ما في قول ابن رجب رحمه الله: "بإسناد فيه ضعف"!
ورواه: الطبراني في "الصغير" (٩٨٢) و "الأوسط" (٦٦٢٤)، وابن عساكر في "التاريخ" (٣٦/ ٤٣٢)؛ من طريق محمّد بن عبد الله بن محمَّد بن عثمان الأنصاري، ثنا عبد القدّوس بن عبد السلام بن عبد القدّوس بن حبيب الكلاعيّ، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسن، عن أنس … رفعه. قال الطبراني: "لم يروه عن الحسن إلّا عبد القدوس، تفرّد به ولده". وقال الهيثمي (٧/ ٢٨٠): فيه "عبد السلام بن عبد القدّوس بن حبيب عن أبيه وهما ضعيفان". قلت: قصّر يرحمه الله تعالى: الأنصاريّ وعبد القدّوس الحفيد مجهولان، وعبد السلام متروك، وعبد القدّوس الجد كذاب.

<<  <   >  >>