للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دونَكَ. فقالَ أبو بَكْرٍ: يا أبتِ! إنِّي إنَّما أُريدُ ما أُريدُ. قالَ: وإنَّما نَزَلَتْ هذهِ الآياتُ فيهِ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى … } [الليل: ٥] إلى آخرِ السُّورةِ.

ورُوِيَ مِن وجهٍ آخرَ عن ابن الزُّبَيْرِ، وخَرَّجَهُ الإسْماعِيلِيُّ، ولفظُهُ: إنَّ أبا بَكْرٍ كانَ يَبْتاعُ الضَّعفةَ فيُعْتِقُهُم. فقالَ لهُ أبو قُحافَةَ: يا بنيَّ! لوِ ابْتَعْتَ مَن يَمْنَعُ ظهرَكَ. فقالَ: يا أبتِ! منعَ (١) ظهري أُريدُ. ونَزَلَتْ فيهِ (٢) {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} إلى آخرِ السُّورةِ.

وخَرَّجَ أبو داوودَ والتِّرْمِذِيُّ مِن حديثِ عُمَرَ؛ قالَ: أمَرَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نتَصَدَّقَ، ووافَقَ ذلكَ عندي مالًا، فقُلْتُ: اليومَ أسْبِقُ أبا بَكْرٍ إنْ سَبَقْتُهُ يومًا. قالَ: فجِئْتُ بنصفِ مالي. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ما أبْقَيْتَ لأهلِكَ؟ ". قُلْتُ: مثلَهُ. وإنَّ أبا بَكْرٍ أتى بكلِّ ما عندَهُ، فقالَ: "يا أبا بَكْرٍ! ما أبْقَيْتَ لأهلِكَ؟ ". قالَ: أبْقَيْتُ لهُمُ الله ورسولَهُ. فقُلْتُ: لا أسابِقُهُ إلى شيء أبدًا (٣).

وخَرَّجَ الإمامُ أحْمَدُ والنَّسائِيُّ وابنُ ماجَهْ مِن حديثِ: أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "ما نَفَعَني مالٌ قطُّ ما نَفَعَني مالُ أبي بكرِ". فبَكى أبو بكرٍ وقالَ: وهل أنا ومالي إلَّا لكَ يا رسولَ اللهِ؟ وخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ بدونِ هذهِ الزِّيادةِ في آخرِهِ (٤).


(١) في خ: "فقال أما إنّه منع"، والأولى ما أثبته من م ون وط.
(٢) وفي غيره من المنفقين، على المعتمد من أنّ خصوص السبب لا ينفي عموم الحكم.
(٣) (حسن). رواه: عبد بن حميد (١٤)، والدارمي (١/ ٣٩١)، وأبو داوود (٣ - الزكاة، ٤٠ - الرخصة في ذلك، ١/ ١٦٧٨/٥٢٦)، والترمذي (٥٠ - المناقب، ١٦ - مناقب أبي بكر وعمر، ٥/ ٦١٤ / ٣٦٧٥)، وابن أبي عاصم في "السنّة" (١٢٤٠)، والبزّار (٢٧٠)، والحاكم (١/ ٤١٤)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٢)، والبيهقي (٤/ ١٨٠)، والضياء في "المختارة" (١/ ١٧٢/ ٨٠ و ٨١)، والعسقلاني في "تغليق التعليق" (٣/ ١٠)؛ من طريق هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر … رفعه. قال العسقلاني في "التلخيص": "ضعّفه ابن حزم بهشام بن سعد وهو صدوق". وزاد في "الفتح": "هشام صدوق فيه مقال". قلت: حديثه حسن في الشواهد على الأقلّ.
ورواه البزّار (١٥٩) من طريق إسحاق بن محمّد الفروي، ثنا عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر … رفعه. والفروي وعبد الله بن عمر العمري لا يعدوان أن يكونا صالحين في الشواهد.
والحديث حسن بطريقيه، وقد قوّاه الترمذي والحاكم والضياء المقدسي والذهبي والعسقلاني والألباني.
(٤) (صحيح). تقدَّمت تفاصيل الباب (ص ٢٥٢ - ٢٥٤)، وهذا اللفظ جاء أيضًا بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>