للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكرُ اللهِ مِن أفضلِ أنواعِ الصَّدقةِ.

وخَرَّجَ الطَّبَرانِيُّ عن ابن عَبَّاسٍ مرفوعًا: "ما صدقةٌ أفضلَ مِن ذكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ" (١).

وقد قالَ طائفةٌ مِن السَّلفِ في قولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: ١٨]: إنَّ القرضَ الحَسَنَ قولُ سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ.

وفي مراسيلِ الحسنِ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "ما أنْفَقَ عبدٌ نفقةً أفضلَ عندَ الله عَزَّ وجَلَّ مِن قولٍ ليسَ مِن القرآنِ وهوَ مِن القرآنِ؛ سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلَّا اللهُ


= في "الشيوخ" (٣/ ٧٢٦/ ٣٤٢)، والدارقطني في "العلل" (٨٧٢)؛ من طرق ثلاث منها الثوري، عنه، عن مرّة، عن ابن مسعود … مرفوعًا. وتوبع زبيد على رفعه، قال الدارقطني: "ورواه الصباح بن محمّد الهمداني، وهو كوفيّ أحمسيّ ليس بقويّ، عن مرّة عن عبد الله مرفوعًا أيضًا". فهذه خلاصة الخلاف هنا. فمال الدارقطني إلى ترجيح الوقف مع أنّ طرق الوقف والرفع متعادلة في القوّة تقريبًا، وأمّا على طريقة ابن الصلاح وغيره من المتأخّرين فالرفع زيادة ثقة يتعيّن المصير إليها، ولا سيّما أنّ زبيدًا توبع عليها وأنّ هذا المتن جاء أيضًا عن جماعة من الصحابة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي.
ورواه الطبراني في "الكبير" (٨/ ١٩٤/ ٧٧٩٥ و ٧٨٠٠ و ٧٨٧٧) و"الشاميّين" (١٧٤)؛ من طرق ثلاث، عن القاسم، عن أبي أُمامة … رفعه. قال الهيثمي (١٠/ ٩٧): "فيه سليمان بن أحمد الواسطي وثّقه عبدان وضعّفه الجمهور، والغالب على بقيّة رجاله التوثيق". قلت: الواسطي متروك. وفي الطريق الأخرى علي بن يزيد الألهاني واهٍ. وفي الطريق الثالثة العبّاس بن ميمون مجهول. والقاسم صدوق في حديثه بعض المناكير. فالحديث ضعيف عن أبي أُمامة ولو اجتمعت طرقه الثلاث.
ورواه: عبد بن حميد (٦٤١)، والبزّار (٣٠٥٨ - كشف)، والطبراني (١١/ ٧٠/ ١١١٢١)، والبيهقي في "الشعب" (٥٠٨)؛ من طريق قويّة، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهد، عن ابن عبّاس … رفعه. قال المنذري والهيثمي (١٠/ ٧٧): "فيه أبو يحيى القتّات، وقد وثّق وضعّفه الجمهور، وبقيّة رجال البزّار رجال الصحيح". قلت: أبو يحيى ليّن، والسند كذلك.
فهذان الشاهدان يصوّبان الرفع في حديث ابن مسعود، وإلى تقويته مال الهيثمي والألباني.
(١) (ضعيف جدًّا). رواه الطبراني في "الأوسط" (٧٤١٠) من طريق محمّد بن الليث الهدادي، ثنا أبو همّام الدلّال، ثنا داوود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس … رفعه.
قال المنذري: "رواته حديثهم حسن". وقال الهيثمي (١٠/ ٧٧): "رجاله وثّقوا". قلت: أبو الصباح الهدادي ذكره ابن حبّان في "الثقات" وقال: "يخطيء ويخالف". وقال العسقلاني في "اللسان": "حدّث حديثًا موضوعًا رواه بسند الصحيح"! فهذه تهمة خطيرة لا يستقيم معها تحسين حديث صاحبها، ولا سيّما أنّ ابن حبّان لم يوثّقه مطلقًا بل قال: "يخطيء ويخالف"! ولذلك قال الألباني: "ضعيف جدًّا".

<<  <   >  >>