للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخَرَّجَ الإمامُ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ أيضًا مِن حديثِ: أبي سَعيدٍ؛ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ: أيُّ العبادِ أفضلُ درجةً عندَ اللهِ يومَ القيامةِ؟ قالَ: "الذَّاكرونَ الله تَعالى كثيرًا". قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ! ومِن الغازي في سبيلِ اللهِ؟ قالَ: "لو ضَرَبَ بسيفِهِ الكفَّارَ والمشركينَ حتَّى يَنْكَسِرَ ويَخْتَضِبَ دمًا؛ لكانَ الذَّاكرونَ الله عَزَّ وجَلَّ أفضلَ منهُ درجةً" (١).

وقد رُوِيَ هذا المعنى عن مُعاذِ بن جَبَلٍ وطائفةٍ مِن الصَّحابةِ موقوفًا وأنَّ الذِّكرَ للهِ أفضلُ مِن الصَّدقةِ بعدَّتِهِ دراهمَ ودنانيرَ ومِن النَّفقةِ في سبيلِ اللهِ.

وقيلَ لأبي الدَّرداءِ: رجلٌ أعْتَقَ مئةَ نسمةٍ. قالَ: إنَّ مئةَ نسمةٍ مِن مالِ رجلٍ كثيرٌ، وأفضلُ مِن ذلكَ إيمانٌ ملزومٌ بالليلِ والنَّهارِ وأنْ لا يَزالَ لسانُ أحدِكُم رطبًا مِن ذكرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.

وعنهُ قالَ: لأنْ أقولَ لا إلهَ إلَّا اللهُ واللهُ أكبرُ مئةَ مرَّةٍ أحبّ إليَّ مِن أنْ أتَصَدَّقَ بمئةِ دينارٍ.

ويُرْوى مرفوعًا وموقوفًا مِن غيرِ وجهٍ: "مَن فاتَهُ الليلُ أنْ يُكابِدَهُ، وبَخِلَ بمالِهِ أنْ يُنْفِقَهُ، وجَبُنَ عن عدوِّهِ أنْ يُقاتِلَهُ؛ فلْيُكْثِرْ مِن سبحانَ اللهِ وبحمدِهِ؛ فإنَّها أحبُّ إلى اللهِ مِن جبلِ ذهبٍ أو فضَّةٍ يُنْفِقُهُ في سبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ" (٢).


= ثمّ لهذا المتن شاهد من حديث معاذ بن أنس عند أحمد (٣/ ٤٣٨) بسند ضعيف، وآخر من حديث جابر عند الطبراني في "الصغير" (٢٠٩) بسند ضعيف.
وقد قوّى هذا الحديث الحاكم والبغوي والمنذري والنووي والذهبي والهيثمي والعسقلاني والألباني.
(١) (حسن لشواهده). رواه: أحمد (٣/ ٧٥)، والترمذي (٤٩ - الدعاء، ٥ - باب، ٥/ ٤٥٨/ ٣٣٧٦)، وأبو يعلى (١٤٠١)، وابن عدي (٣/ ٩٨١)، والبيهقي في "الشعب" (٥٨٩) مختصرًا، والبغوي في "السنّة" (١٢٤٦)؛ من طريق ابن لهيعة، عن درّاج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد … رفعه. قال الترمذي: "غريب، إنّما نعرفه من حديث درّاج". قلت: روايته عن أبي الهيثم ضعيفة، وإعلاله بابن لهيعة ليس بالمتّجه؛ لأنّ الراوي عنه عند الترمذي قتيبة بن سعيد وروايته عنه جيّدة.
وليس هذا من منكرات درّاج عن أبي الهيثم، فما قبله يشهد له بقوّة، ويشهد له إجمالًا حديث مسلم "سبق المفرّدون"، فهو حسن بهذه الشواهد، وقد ضعّفه الترمذي وأقرّه المنذري والألباني.
(٢) (صحيح). مداره على زبيد اليامي واختلف عليه فيه وقفًا ورفعًا: فرواه: ابن أبي شيبة (٢٩٧١٦ و ٣٤٥٦٧)، والطبراني (٩/ ٢٠٣/ ٨٩٩٠)، والدارقطني في "العلل" (٨٧٢)؛ من طرق ثلاث منها الثوري، عنه، عن مرّة، عن ابن مسعود … موقوفًا. قال الهيثمي (١٠/ ٩٣): "رجال الصحيح". ورواه: الإسماعيلي=

<<  <   >  >>