للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي المعنى أحاديثُ كثيرةٌ جدًّا يَطولُ ذكرُها.

• واعْلَمْ أنَّ مَن عَجَزَ عن عملِ خيرٍ وتَأسَّفَ عليهِ وتَمَنَّى حصولَهُ؛ كانَ شريكًا لفاعلِهِ في الأجرِ، كما تَقَدَّمَ في الذي قالَ لو كانَ لي مالٌ لَعَمِلْتُ فيهِ ما عَمِلَ فلانٌ أنَّهُما سواءٌ في الأجرِ والوزرِ. وقد قيلَ: إنَّهُما سواءٌ في أصلِ الأجرِ دونَ المضاعفةِ؛ فإنَّها تَخْتَصُّ بالعاملِ، فمِن ها هنا كانَ أربابُ الهممِ العاليةِ لا يَرْضَوْنَ بمجرَّدِ هذهِ المشاركةِ، ويَطْلُبونَ أنْ يَعْمَلوا أعمالًا تُقاوِمُ الأعمالَ التي عَجَزوا عنها؛ لِيَفوزوا بثوابٍ يُقاوِمُ ثوابَ تلكَ الأعمالِ ويُضاعَفُ لهُم كما يُضاعَفُ لأُولئِكَ فيَسْتَووا هُم وأُولئكَ العمَّالُ في الأجرِ كلِّهِ.

وقد كانَ بعضُ مَن يَقْعُدُ عن الجهادِ مِنِ امرأةٍ وضعيفٍ في عهدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْألُهُ عن عملٍ يَعْدِلُ الجهادَ.

وفاتَ بعضَ النِّساءِ الحجُّ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا قَدِمَ؟ سَألَتْهُ عمَّا يُجْزِئُ مِن تلكَ الحجَّةِ، قالَ: "اعْتَمِري في رمضانَ؛ فإن عمرةً في رمضانَ تَعْدِلُ حجَّةً (أو: حجَّةً معي) " (١).

وقالَتْ عائِشَةُ: يا رسولَ اللهِ! نَرى الجهادَ أفضلَ العملِ، أفلا نُجاهِدُ؟ قالَ: "لكنْ جهادُكُنَّ الحجُّ والعمرةُ" (٢).

وكانَ منهُم مَن إذا تَخَلَّفَ عن الغزوِ اجْتَهَدَ في مشاركةِ الغزاةِ في أجرِهِم: فإمَّا أنْ يُخْرِجَ مكانَهُ رجلًا بمالِهِ، وإمَّا أنْ يُعينَ غازيًا، وإمَّا أنْ يَخْلُفَهُ في أهلِهِ بخيرٍ. فإنَّ مَن فَعَلَ هذا كلَّهُ فقد غَزا.

تَصَدَّقَ بعضُ الأغنياءِ بمالٍ كثيرٍ، فبَلَغَ ذلكَ طائفةً مِن الصَّالحينَ، فاجْتَمَعوا في مكانٍ، وحَسَبوا ما تَصَدَّقَ بهِ مِن الدَّراهمِ، وصَلَّوْا بدلَ كل درهمٍ تَصَدَّقَ بهِ [للهِ تَعالى


= وهذا منقطع، أبو البختري لم يسمع أبا ذرّ. لكن يشهد له أحاديث: البخاري (٦٠٢١ و ٦٠٢٢)، ومسلم (١٠٠٥ - ١٠٠٦). فهو صحيح بها. ولا سيّما أنّه لا يعدو أن يكون تفصيلًا لرواية مسلم قبله.
(١) متّفق عليه. تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٣٥٧).
(٢) متّفق عليه. تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٥٠٨).

<<  <   >  >>