للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيءٌ؛ لأنَّ [يومَ] الفطرِ مستثنًى شرعًا. وهذهِ قاعدة مِن قواعدِ الفقهِ، وهيَ أنَّ العمومَ هل يُخَصُّ بالشَّرعِ أم لا؟ ففي المسألةِ خلافٌ مشهورٌ.

• وأمَّا قيامُ ليالي العشرِ؛ فمستحبٌّ، وقد سَبَقَ الحديثُ في ذلكَ (١).

وقد وَرَدَ في خصوصِ إحياءِ ليلتي العيدينِ أحاديثُ لا تَصِحُّ، ووَرَدَ إجابةُ الدُّعاءِ فيهِما، واسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ وغيرُهُ مِن العلماءِ (٢).

وكانَ سَعيدُ بنُ جُبَيْرٍ - وهوَ الذي رَوى هذا الحديثَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ (٣) - إذا دَخَلَ العشرُ؛ اجْتَهَدَ اجتهادًا حتَّى ما يَكادُ يُقدَرُ عليهِ. ورُوِيَ عنهُ أنَّهُ قالَ: لا تُطْفِئوا سرجَكُم لياليَ العشرِ؛ تُعْجِبُهُ العبادةُ.

• وأمَّا أستحبابُ الإكثارِ مِن الذِّكرِ فيها؛ فقد دَلَّ عليهِ قولُ اللهِ تَعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحجّ: ٢٨]؛ فإنَّ الأيَّامَ المعلوماتِ هيَ أيَّامُ العشرِ عندَ جمهورِ العلماءِ. وسَيَأْتي ذكرُ ذلكَ فيما بعدُ إنْ شاءَ اللهُ تَعالى.

وفي "مسند الإمام أحْمَد": عنِ ابنِ عُمَرَ، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "ما مِن أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ مِن هذهِ الأيَّامِ العشرِ؛ فأكْثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ" (٤).

• فإنْ قيلَ: فإذا كانَ العملُ في أيَّامِ العشرِ أفضلَ مِن العملِ في غيرِها - وإنْ كانَ


(١) (ضعيف). وهو حديث أبي هريرة الذي تقدّم نصّه وتخريجه (ص ٥٨١).
(٢) قيام ليلتي العيد أسوة بسائر ليالي السنة أمر مستحبّ محمود فاعله. واختصاص ليلتي العيد بالقيام أو بمزيد من الاجتهاد فيه استنادًا لما ورد فيهما من النصوص الواهية أمر غير مشروع ولا يأمن فاعله من لوثة ابتداع تزيد أو تنقص بحسب حاله.
(٣) لو صحّ أنّ سعيدًا روى هذا الحديث عن ابن عبّاس لصحّ الحديث! لكنّ الطريق إليه واهية!
(٤) (صحيح). رواه: أحمد (٢/ ٥٧)، وعبد بن حميد (٨٠٧ - منتخب)، وأبو عوانة في "الصيام"، والطحاوي في "المشكل" (٤/ ١١٤)، والطبراني في "الكبير" (١١/ ٦٨/ ١١١١٦) و"الدعاء" (٨٧١)، والبيهقي في "الشعب" (٣٧٥٠ و ٣٧٥١) و"الدعوات"، والأصبهاني في "الترغيب" (٣٦٠)؛ من طرق ثلاث، عن مجاهد، عن ابن عمر (وفي الطبراني: عن ابن عبّاس) … رفعه.
وإحدى طرق الحديث قويّة، والطريقان الأُخريان تزيدانها قوّة، لكنّ ذكر ابن عبّاس فيه منكر تفرّد به يزيد بن أبي زياد الهاشميّ أحد الضعفاء والمعروف في هذا أنّه من حديث ابن عمر. وقد مال المنذري والهيثمي إلى تقوية هذا المتن لكن من حديث ابن عبّاس، وردّه الألباني، والصواب تقويته من حديث ابن عمر.

<<  <   >  >>