للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِن أشهرِ الحجِّ، وهوَ قولُ مالِكِ والشَّافِعِيّ في القديمِ وروايةٌ عنِ ابنِ عُمَرَ أيضًا ورُوِيَ عن طائفةٍ مِن السَّلفِ، وفيهِ حديثٌ مرفوعٌ خَرَّجَهُ الطَّبَرانِيُّ لكنَّهُ لا يَصِحُّ (١). والكلامُ في هذهِ المسألةِ يَطولُ، وليسَ هذا موضعَهُ.

* ومِن فضائلِهِ: أنَّهُ الأيَّامُ المعلوماتُ التي شَرَعَ اللهُ تَعالى ذكرَهُ فيها على ما رَزَقَ مِن بهيمةِ الأنعامِ. قالَ تَعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحجّ: ٢٧ - ٢٨].

وجمهورُ العلماءِ على أنَّ هذهِ الأيَّامَ المعلوماتِ هيَ عشرُ ذي الحجَّةِ، منهُمُ ابنُ عُمَرَ وابنُ عَبَّاسٍ والحَسَنُ وعَطاءٌ ومُجاهِدٌ وعِكْرِمَةُ وقَتادَةُ والنَّخَعِيُّ، وهوَ قولُ أبي حَنيفَةَ والشَّافِعِيِّ وأحْمَدَ في المشهورِ عنهُ.

ورُوِيَ عن أبي موسى الأشْعَرِيّ أنَّ الأيَّامَ المعلوماتِ هيَ تسعُ ذي الحجَّةِ غيرَ يومِ النَّحرِ، وأنَّهُ قالَ: لا يُرَدُّ فيهنَّ الدُّعاءُ. خَرَّجَهُ جَعْفَرٌ الفِرْيابِيُّ وغيرُهُ.

وقالَتْ طائفةٌ: هيَ أيَّامُ الذَّبحِ. ورُوِيَ عن طائفةٍ مِن السَّلفِ، وهوَ قولُ مالِكٍ وأبي يوسُفَ، وجَعَلوا ذكرَ اللهِ فيها ذكرَهُ على الذَّبحِ، وهوَ قولُ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما. ونَقَلَ المَرُّوذِيُّ عن أحْمَدَ أنَّهُ اسْتَحْسَنَهُ.

والقولُ الأوَّلُ أظهرُ. وذكرُ اللهِ على بهيمةِ الأنعامِ لا يَخْتَصُّ بحالِ ذبحِها (٢): كما


(١) (ضعيف). وقد جاء عن جماعة من الصحابة: فرواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (١٦٠٧) من حديث أبي أُمامة مرفوعًا بسند فيه حصين بن مخارق وهو ممّن يضع الحديث.
ورواه الطبراني في "الأوسط" (٧٠٥٦) من حديث ابن عمر مرفوعًا بسند فيه: يحيى بن السكن ضعيف، وشريك سيّئ الحفظ، وإبراهيم بن مهاجر ليّن.
ورواه: الطبراني في "الأوسط" (٥٠٣٩)، والخطيب في "التاريخ"؛ من حديث ابن عبّاس مرفوعًا بسند فيه: المفضّل بن صدقة ضعيف، وخصيف ليّن، ومقسم عن ابن عبّاس منقطع.
وحسب مثل هذا أن يكون من تفاسير الصحابة، وأمّا الرفع؛ فواهٍ.
(٢) ولكنّه حال ذبحها أعمّ وأظهر، فاستثناء هذا العامّ الظاهر لا يخلو من نظر! والآية الكريمة لم تقيّد الأيّام المعلومات بعشر بغير زيادة، فما أدري ما الداعي للتضييق باستثناء أيّام منى؟!

<<  <   >  >>