للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آنيتُهُما وما فيهِما، وجنَّتانِ مِن فضَّةٍ آنيتُهُما وما فيهِما".

وقد رُوِيَ عن أبي موسى مرفوعًا وموقوفًا: "جنَّتانِ مِن ذهبٍ للمقرَّبينَ، وجنَّتانِ مِن فضَّةٍ لأصحابِ اليمينِ" (١).

وفي "الصَّحيحِ" (٢) أيضًا عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّهُ قالَ: "إنَّها جنانٌ كثيرةٌ". وقد رُوِيَ أن بناءَ بعضِها مِن درٍّ وياقوتٍ:

خَرَّجَ ابنُ أبي الدُّنيا من حديثِ أنسٍ مرفوعًا: "خَلَقَ اللهُ جنَّةَ عدنٍ بيدِهِ؛ لَبِنةً مِن درَّةٍ بيضاءَ ولَبِنَةً مِن ياقوتةٍ حمراءَ ولَبِنَةً مِن زَبَرْجَدَةٍ خضراءَ، مِلاطُها المسكُ وحصباؤُها اللؤلؤُ وحشيشُها الزَّعفرانُ، ثمَّ قالَ لها: انْطِقي! قالَتْ: قدْ أفْلَحَ المؤمنونَ. قالَ: وعزَّتي لا يُجاوِرُني فيكِ بخيلٌ" (٣).


(١) (صحيح موقوفًا منكر مرفوعًا). وقد اختلف في متن هذا الحديث وفي رفعه:
* فرواه: الطبري (٣٣٠٨٩)، وابن أبي حاتم (١٣/ ٤٣١ - فتح الباري)، وابن مردويه (الرحمن ٤٦ - در)، والبيهقي في "البعث" (١٠/ ٤٨٩ - بداية)؛ من طريق مؤمّل، عن حمّاد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبي موسى … فذكره بلفظ الترجمة. قال حمّاد: لا أعلمه (يعني: ثابتًا) إلّا رفعه. قال العسقلاني: "رجاله ثقات". قلت: مؤمّل كثير الخطأ لا يعدو أن يكون صالحًا في الشواهد، فإن كان ابن أبي حاتم وابن مردويه روياه من طريقه - وهو الغالب الراجح - فالسند ضعيف.
* ورواه أبو نعيم في "الجنة" (٤٣٦) من طرق، عن الحارث بن عبيد، عن أبي عمران، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبي موسى … رفعه بلفظ: "جنتان من ذهب للسابقين، وجنّتان من فضة للتابعين". والحارث بن عبيد كثير الخطأ لا يعدو أن يكون صالحًا في الشواهد، فالسند ضعيف.
* ورواه: ابن أبي شيبة (٣٤٨٠٣) والحاكم (٢/ ٤٧٤) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، والحاكم (١/ ٨٤) من طريق آدم بن أبي إياس، وأبو نعيم في "الجنّة" (١٤٢) من طريق معاذ بن معاذ؛ ثلاثتهم عن حماد، عن ثابت أو عن أبي عمران أو عنهما، عن أبي بكر بن أبي موسى … به موقوفًا باللفظ الثاني.
فأما المتن؛ فالأمر فيه قريب ومعنى اللفظين واحد، وإن كان الأظهر أن ابن رجب ذكره بالمعنى.
والرفع عن حماد منكر له علل: أولاها: أنّه جاء على الشك لا يقينًا، والثانية: أنه تفرّد به مؤمل وهو سيئ الحفظ. والثالثة: أن الثقات خالفوه فرووه عنه موقوفًا. والرفع عن أبي عمران منكر أيضًا له علّتان: أولاهما: أنّه تفرد به الحارث وهو سيئ الحفظ، والثانية: أنّه خالفه الثقات فرووه عنه موقوفًا. فبان أن الصواب في هذا المتن الوقف، ورفعه منكر، وليس للموقوف هاهنا حكم الرفع؛ لأنّه قد يقال اجتهادًا من باب التفسير.
(٢) البخاري (٥٦ - الجهاد، ١٤ - من أتاه سهم، ٦/ ٢٥/ ٢٨٠٩) من حديث أنس.
(٣) (موضوع). رواه: ابن أبي الدنيا في "الجنّة" (٢٠)، وأبو نعيم في "الجنّة" (١٧) مختصرًا؛ من طريق محمَّد بن زياد بن زبار، ثنا بشر بن حسين، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس … رفعه.

<<  <   >  >>