للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخَذاتِهِم؟ فيُقالُ لهُ: أتَرْضى أنْ يَكونَ لكَ مثلُ ملكٍ مِن ملوكِ الدُّنيا؟ فيَقولُ: رَضِيتُ يا ربِّ! فيَقولُ: لكَ ذلكَ ومثلُهُ ومثلُهُ ومثلُهُ ومثلُهُ. فقالَ في الخامسةِ (١): رَضِيتُ يا ربِّ! فيُقالُ: هذا لكَ وعشرةُ أمثالِهِ، ولكَ ما اشْتَهَتْ نفسُكَ ولَذَّتْ عينُكَ. فيَقولُ: رَضِيتُ ربِّ! قالَ: فأعلاهُم منزلةً؟ قالَ: أولئكَ الذينَ أرَدْتُ، غَرَسْتُ كرامتَهُم بيدي وخَتَمْتُ عليها، فلم تَرَ عينٌ ولم تَسْمَعْ أُذنٌ ولم يَخْطُرْ على قلبِ بشرٍ". قالَ: ومصداقُهُ في كتابِ اللهِ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧].

* الثَّاني: مِلاطُ الجنَّةِ وأنَّهُ المسكُ الأذفرُ، وقد تَقَدَّمَ مثلُ ذلكَ في غيرِ حديثٍ. والمِلاطُ هوَ الطِّينُ، ويُقالُ: الطِّينُ الذي يُبْنى منهُ البنيانُ. والأذفرُ: الخالصُ.

وفي الصَّحيحينِ (٢): عن أنَسٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "دَخَلْتُ الجنَّةَ، فإذا فيها جَنابِذُ اللؤلؤِ، وإذا ترابُها المسكُ". والجنابذُ: مثلُ القباب. وقد قيلَ: إنَّهُ أرادَ بترابِها ما خالَطَهُ الماءُ، وهوَ طينُها، كما في "صحيح البُخارِيِّ" (٣): عن أنسَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ [أنَّهُ] قالَ في الكوثرِ: "طينُهُ المسكُ الأذفرُ".

وقد قيلَ في تأْويلِ قولهِ تَعالى {خِتَامُهُ مِسْكٌ} [المطففين: ٢٦]: إنَّ المرادَ بالختامِ ما يَبْقى في سُفْلِ الشَّرابِ مِن الثُّفْلِ، وهذا يَدُلُّ على أن أنهارَها تَجْري على المسكِ، ولذلكَ يَرْسُبُ منهُ في الإناءِ في آخرِ الشَّرابِ كما يَرْسُبُ الطِّينُ في آنيةِ الماءِ في الدُّنيا.

* الثَّالثُ: حصباءُ الجنَّةِ وأنَّهُ اللؤلؤُ والياقوتُ، والحصباءُ: الحصى الصِّغارُ، وهوَ الرَّضْراضُ.

وفي "المسند": عن أنَسٍ، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -؛ في ذكرِ الكوثرِ أن "رضراضُهُ اللؤلؤُ". وفي روايةٍ: "حصباؤُهُ اللؤلؤُ" (٤).


(١) في خ: "يقول في الخامسة"، وأثبتّ ما في ن لوافقته نصّ مسلم.
(٢) البخاري (٨ - الصلاة، ١ - كيف فرضت الصلوات، ١/ ٤٥٨/ ٣٤٩)، ومسلم (١ - الإيمان، ٧٤ - الإسراء بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ١/ ١٤٨/ ١٦٣)؛ من حديث أنس عن أبي ذر.
(٣) (٨١ - الرقاق، ٥٣ - الحوض، ١١/ ٤٦٤/ ٦٥٨١).
(٤) (صحيح). أصله عند البخاري (٨١ - الرقاق، ٥٣ - الحوض، ١١/ ٤٦٤/ ٦٥٨١) دون هذه =

<<  <   >  >>