للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومَرَّ سَعيدُ بنُ جُبَيْرٍ بشبابٍ مِن أبناءِ الملوكِ جلوسٍ في مجالسِهِم في زينتِهِم، فسَلَّموا عليهِ، فلمَّا بَعُدَ عنهُم؛ بَكى واشْتَدَّ بكاؤُهُ وقالَ: ذَكَّرَني هؤلاءِ بشبابِ أهلِ الجنَّةِ.

• تزَوَّجَ صِلَةُ بنُ أشْيَمَ بمُعاذَةَ العَدَوِيَّةِ، وكانا مِن كبارِ الصَّالحينَ، فأدْخَلَهُ ابنُ أخيهِ الحمَّامَ ثمَّ أدْخَلَهُ على زوجتِهِ في بيتٍ مطيَّبٍ منجَّدٍ، فقاما يُصَلِّيانِ إلى الصَّباحِ، فسَألَهُ ابنُ أخيهِ عن حالِهِ، فقالَ: أدْخَلْتَني بالأمسِ بيتًا أذْكَرْتَني بهِ النَّارَ (يَعْني: الحمَّامَ)، وأدْخَلْتَني الليلةَ بيتًا أذْكَرْتَني بهِ الجنَّةَ، فلم يَزَلْ فكري في الجنَّةِ والنَّارِ إلى الصَّباحِ.

• دَعا عَبْدُ الواحِدِ بنُ زَيْدٍ إخوانَهُ إلى طعامٍ صَنَعَهُ لهُم، فقامَ على رؤوسِهِم عُتْبَةُ الغلامُ يَخْدُمُهُم وهوَ صائمٌ وهُم يَأْكُلونَ، فجَعَلَتْ عيناهُ تَهْمُلانِ، فسَألَهُ عَبْدُ الواحِدِ بعدُ عن سببِ بكائِهِ، فقالَ: ذَكَرْتُ موائدَ أهلِ الجنَّةِ إذا أكَلوا وقامَ الولدانُ على رؤوسِهِم.

إنَّما جُعِلَتِ الدُّنيا مرآةً لِيُنْظَرَ بها إلى الآخرةِ لا لِيُنْظَرَ إليها ويُوقَفَ معَها.

كَفى حَزَنًا أنْ لا أُعايِنَ بُقْعَةً … مِنَ الأرْضِ إلَّا ازْدَدْتُ شَوْقًا إلَيْكُمُ

وَأنِّي مَتى ما طابَ لي خَفْضُ عِيشَةٍ … تَذَكَّرْتُ أيَّامًا مَضَتْ لي لَدَيْكُمُ

• تدقيقُ النَّظرِ والفكرِ في حالِ النَّباتِ يَسْتَدِلُّ بهِ المؤمنُ على عظمةِ خالقِهِ وكمالِ قدرتِهِ ورحمتِهِ فتَزْدادُ القلوبُ هيمانًا في محبَّتِهِ. وإلى ذلكَ الإشارةُ بقولِهِ تَعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩)} [الأنعام: ٩٩].

• زمانُ الرَّبيعِ كلُّهُ واعظٌ يُذَكِّرُ بعظمةِ موجدِهِ وكمالِ قدرتِهِ ويُشَوِّقُ إلى طيبِ مجاورتِهِ في دارِ كرامتِهِ:

كما قالَ ابنُ سَمْعونَ في وصفِ الرَّبيعِ: أرضُهُ حريرٌ، وأنفاسُهُ عبيرٌ، وأوقاتُهُ كلُّها وعظٌ وتذكيرٌ.

وقالَ غيرُهُ: الأرضُ فيهِ زمرُّدةٌ، والأشجارُ حللٌ، والهواءُ مسكٌ، والنَّسيمُ عنبرٌ، والماءُ راحٌ، والطَّيرُ قيانٌ، والكلُّ دالٌّ على كمالِ الصَّانعِ شاهدٌ لهُ بالوحدانيَّةِ.

<<  <   >  >>