للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنْشَدَ بعضُهُم في وصفِ زمانِ الرَّبيعِ:

يا قَوْمَنا فاحَ الرَّبيـ … ـعُ وَلاحَ لِلأْحْبابِ نَجْدُ

الزَّهْرُ مِسْكٌ وَالرِّيا … ضُ أريضَةٌ وَالماءُ جَعْدُ (١)

وَالظِّلُّ مَنْثورٌ وَفي … جيدِ الشَّقائِقِ مِنْهُ عِقْدُ

هذا النَّسيمُ مُعَنْبَرٌ … وَضَبابُ هذا النَّوْءِ نَدُّ

وَالغُصْنُ يَرْقُصُ وَالغَديـ … ـرُ مُصَفِّق وَالوُرْقُ تَشْدو (٢)

وَالجَوُّ بَعْضٌ مِنْهُ يا … قوتٌ وَبَعْضٌ لازَوَرْدُ (٣)

وَالكُلُّ يَشْهَدُ أن صا … نِعَهُ قَديرٌ وَهْوَ فَرْدُ

وأنْشَدَ آخرُ:

الطَّلُّ في سِلْكِ الغُصونِ كَلُؤْلُؤٍ … رَطْبٍ يُصافِحُهُ النَّسيمُ فَيَسْقُطُ (٤)

وَالطَّيْرُ يَقْرَأُ وَالغَديرُ صَحيفَةٌ … وَالرِّيحُ يَكْتُبُ وَالغَمامُ يُنَقِّطُ

رُئِيَ بعضُ الشُّعراءِ المتقدِّمينَ في المنامِ بعدَ موتِهِ، فسُئِلَ عن حالِهِ، فقالَ: غُفِرَ لي بأبياتٍ قلتُها في النَّرجسِ، وهيَ:

تَفَكَّرْ في نَباتِ الأرْضِ وَانْظُرْ … إلى آثارِ ما صَنَعَ المَليكُ

عُيونٌ مِنْ لجَيْنٍ ناظِراتٌ … بِأحْداقٍ هِيَ الذَّهَبُ السَّبيكُ (٥)

عَلى قُضُبِ الزَّبَرْجَدِ شاهِداتٌ … بِأنَّ الله لَيْسَ لَهُ شَريكُ

سبحانَ مَن سَبَّحَتِ المخلوقاتُ بحمدِهِ فمَلأ الأكوانَ تحميدُه، وأفْصَحَتِ الكائناتُ بالشَّهادةِ بوحدانيَّتِهِ فوَضَحَ توحيدُه، يُسَبِّحُهُ النَّباتُ جمعُهُ وفريدُه، والشَّجرُ عتيقُهُ وجديدُه، ويُمَجِّدُهُ رهبانُ الأطيارِ في صوامعِ الأشجارِ فيُطْرِبُ السَّامعَ تمجيدُه، كلَّما دَرَّسَ الهزارُ دَرْسَ شكرِهِ فالبلبلُ بالحمدِ معيدُه، وكلَّما أقامَ خطيبُ


(١) أريضة: زكيّة، غنيّة بالخير.
(٢) ندّ: طيّب الريح، أو نديّ منعش. الورق: الحمائم.
(٣) اللازورد: أزرق سماويّ اللون من الأحجار الكريمة.
(٤) الطلّ: الندى.
(٥) اللجين: الفضّة. يشير إلى الزهر الأبيض الذي وسطه أصفر.

<<  <   >  >>